للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنسائى وابن ماجه وابن حبان والبزار وغيرهم مصرّحة بتقديم المضمضة والاستنشاق على غسل الوجه واليدين، والحديث من أدلة القائلين بعدم وجوب الترتيب (قال) النووى إنهم يتأولون هذه الرواية على أن لفظة ثمّ ليست للترتيب بل لعطف جملة على جملة، لكن لا يخفى عليك أن هذا التأويل وإن نفع القائل بوجوب الترتيب في حديث الباب وما بعده فهو يجرى في دليله الذى عارض به حديثى الباب أعنى حديث عثمان وعبد الله بن زيد وعلىّ فلا يدلّ على تقديم المضمضة والاستنشاق كما لا يدلّ هذا على تأخيرهما فدعوى وجوب الترتيب لا تتم إلا بإبراز دليل عليها يتعين المصير إليه وقد عرّفناك في شرح حديث عثمان عدم انتهاض ما جاء به مدّعي وجوب الترتيب على المطلوب، نعم حديث جابر عند النسائى في صفة حج النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ابدءوا بما بدأ الله به بلفظ الأمر وعند مسلم بلفظ الخبر يصح الاحتجاج به على وجوب الترتيب لأنه عام لا يقصر على سببه عند الجمهور كما تقرّر في الأصول، وآية الوضوء مندرجة تحت ذلك العموم اهـ (وقال) بعضهم هذه رواية شاذة لا تعارض الروايات المحفوظة التى فيها تقديم المضمضة والاستنشاق على غسل الوجه، وتقدّم بيان الاختلاف في ذلك وأن الظاهر وجوب الترتيب بين الأعضاء المذكورة في الآية وعدمه في غيرها

(قوله ظاهرهما وباطنهما) بالجرّ بدل من أذنيه، وظاهرهما ما يلى الرأس وباطنهما ما يلى الوجه، وكيفية مسحهما أن يدخل سبابتيه في صماخى أذنيه ويمرّهما على باطن الأذنين ويمرّ إبهامه على ظاهرهما، يدلّ لذلك ما أخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما وفيه فمسح برأسه وأذنيه داخلهما بالسبابتين وخالف بإبهاميه إلى ظاهر أذنيه فمسح ظاهرهما وباطنهما "الحديث" وصححه ابن خزيمة وابن منده، وما رواه أيضا النسائى بلفظ ثم مسح برأسه وأذنيه باطنهما بالسباحتين وظاهرهما بإبهاميه، وما رواه ابن ماجه أيضا بلفظ مسح أذنيه فأدخلهما السبابتين وخالف إبهاميه إلى ظاهر أذنيه فمسح ظاهرهما وباطنهما (وحديث) الباب ظاهر في أنه لم يأخذ للأذنين ماء جديدا بل مسح الرأس والأذنين بماء واحد، وتقدّم بيان المذاهب في ذلك.

(فقه الحديث) والحديث يدلّ بظاهره زيادة على ما تقدّم على جواز تأخير المضمضة والاستنشاق عن غسل الذراعين، وقد علمت ما فيه، وعلى أنه يجوز مسح الأذنين بماء مسح الرأس، وبه قال أبو حنيفة والثورى، وعلى أن السنة مسح ظاهر الأذنين وباطنهما جميعا.

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه ابن ماجه والبيهقى مختصرا والضياء في المختاره وكذا رواه أحمد بزيادة وغسل رجليه ثلاثا ثلاثا.

<<  <  ج: ص:  >  >>