خبر مقدم وليل مبتدأ مؤخر أي باق عليك ليل طويل فارقد، ويحتمل أن ليلًا فاعل لفعل محذوف أي بقى عليك ليل طويل. وفي رواية مسلم بالنصب علي الإغراء على تقدير مضاف أي الزم نوم ليل طويل، وعليه فقوله ارقد توكيد، ومقصود الشيطان بذلك التلبيس علي النائم وتثبيطه عن القيام للعبادة وظاهره اختصاص ذلك بنوم الليل. ولا يبعد حصول مثل ذلك من الشيطان لمن نام نهارًا
(قوله فذكر الله) أي بأى نوع من أنواع الذكر ومنه تلاوة القرآن وقراءة الحديث والعلم
(قوله فإن توضأ انحلت عقدة) هذا ظاهر فيمن كان محدثًا حدثًا أصغر أما الجنب فقيل لا تنحل العقدة بالوضوء بل بالغسل، وخص الوضوء بالذكر لأنه الغالب وقيل تنحل بوضوء الجنب لعموم الحديث
(قوله فإن صلى انحلت عقدة) هي بالإفراد في جميع الأقسام الثلاثة. وفي رواية مسلم فإذا استيقظ فذكر الله انحلت عقدة وإذا توضأ انحلت عنه عقدتان فإذا صلى انحلت العقد. وفي رواية البخاري بالإفراد في الأوليين وبالجمع في الثالثة والمؤدى واحد فإنه بانحلال العقدة الأخيرة تنحل العقد الثلاث، ويوافق رواية المصنف ما في حديث أحمد من قوله فإن ذكر الله انحلت عقدة واحدة وإن قام فتوضأ أطلقت الثانية فإن صلى أطلقت الثالثة. وظاهر رواية الجمع أن العقد تنحل كلها بالصلاة وهو كذلك في حق من لم يحتج للطهارة كمن نام متمكنًا ثم انتبه فصلى قبل الذكر والطهارة فإن الصلاة تجزئه في حل العقد كلها، أما من يحتاج إلى الطهارة فالمعنى علي رواية الجمع ثم انحلال عقده
(قوله فأصبح نشيطًا) أي خفيفًا راغبًا
في الطاعة نشيطًا في أحمال دينه ودنياه منشرح الصدر لما وفقه الله من الطاعة وبارك له في نفسه
وتصرفه في كل أموره وبما زال عنه من عقد الشيطان وبما وعد به من الثواب ورضا الرحمن
قال الله تعالى {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ. فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
(قوله وإلا أصبح خبيث النفس كسلان) أي إن لم يفعل ما ذكر من الذكر والوضوء والصلاة ونام حتى فاتته صلاة الصبح أو صلاة التهجد علي الخلاف في ذلك أصبح محزون القلب كثير الهم متحيرًا في أمره ثقيل النفس غير منشرح الصدر متكاسلًا عن تحصيل مآربه لتركه فعل الخير وبعده عن الله تعالى وتمكن الشيطان منه. ومقتضى قوله وإلا أصبح الخ أن من لم يفعل الثلاثة "الذكر والوضوء والصلاة، داخل فيمن يصبح خبيثًا كسلان وإن أتى ببعضها وهو الظاهر لكنه متفاوت، فمن ذكر الله فقط كان في الخبث أخف ممن لم يذكر أصلًا. وهذا الذى مختص بمن لم ينو القيام إلى الصلاة وضيعها أما من نوى القيام أو كانت عادته القيام فغلبته عينه فقد ثبت أن الله يكتب له أجر صلاته ونومه عليه صدقة كما سيأتي للمصنف بعد. ولا يقال إن هذا الحديث يعارض حديث لا يقولن أحدكم خبثت نفسي ولكن ليقل لَقِسَتْ نفسي أي ضعفت ذكره الحافظ في الفتح نقلًا عن ابن عبد البر