الحسن بسنده إلى عائشة بهذا الحديث المتقدّم لكن زاد معمر في هذه الرواية فنؤمر بقضاء الصوم "ولفظه" عند مسلم والبيهقي من طريق معمر عن عاصم عن معاذة قالت سألت عائشة فقلت ما بال الحائض تقضى الصوم ولا تقضى الصلاة فقالت أحرورية أنت قلت لست بحرورية ولكنى أسأل قالت كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة (وفي هذه) الرواية دليل على أن الحائض يجب عليها قضاء ما فاتها من الصوم زمن الحيض ولا يجب عليها قضاء ما فاتها من الصلوات (ونقل) ابن المنذر وغيره إجماع المسلمين على ذلك (وحكى) ابن عبد البر عن طائفة من الخوارج أنهم كانوا يوجبون على الحائض قضاء الصلاة (وعن) سمرة بن جندب أنه كان يأمر به فأنكرت عليه أم سلمة لكن استقرّ الإجماع على عدم الوجوب كما قاله الزهرى وغيره. ومستند الإجماع هذا الحديث الصحيح (وكان) قوم من قدماء السلف يأمرون الحائض إذا دخل وقت الصلاة أن تتوضأ وتستقبل القبلة تذكر الله تعالى كيلا تتعوّد البطالة وترك الصلاة (وقال) مكحول كان ذلك من هدى نساء المسلمين واستحبه بعضهم (وقال) بعضهم هو أمر تركه مكروه عند جماعة (قال) النووى في شرح المهذب مذهبنا ومذهب جمهور العلماء من السلف والخلف أنه ليس على الحائض وضوء ولا تسبيح ولا ذكر في أوقات الصلوات ولا في غيرها (وممن قال) بهذا الأوزاعي ومالك والثورى وأبو حنيفة وأصحابه وأبو ثور حكاه عنهم ابن جرير (وعن الحسن) البصرى قال تطهر وتسبح (وعن أبى جعفر) قال نأمر نساء الحيض أن يتوضأن في وقت الصلاة ويجلسن ويذكرن الله عزّ وجلّ ويسبحن. وهذا الذى قالاه محمول على الاستحباب عندهما. فأما استحباب التسبيح فلا بأس به وإن كان لا أصل له على هذا الوجه المخصوص. وأما الوضوء فلا يصح عندنا وعند الجمهور بل تأثم به إن قصدت العبادة اهـ (والحكمة) في وجوب قضاء الصوم دون الصلاة أن الصلاة تتكرّر فإيجابها مفض إلى حرج ومشقه فعفى عنه بخلاف الصوم فإنه غير متكرّر فلا يفضى قضاؤه إلى حرج (قال) ابن دقيق العيد قد اكتفت عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا في الاستدلال على إسقاط القضاء بكونه لم يؤمر به فيحتمل أن يكون ذلك لوجهين (أحدهما) أن تكون أخذت إسقاط القضاء من إسقاط الأداء ويكون مجرّد سقوط الأداء دليلا على سقوط القضاء إلا أن يوجد معارض وهو الأمر بالقضاء كما في الصوم (والثاني) وهو الأقرب أن يكون السبب في ذلك أن الحاجة داعية إلى بيان هذا الحكم فإن الحيض يتكرّر فلو وجب قضاء الصلاة فيه لوجب بيانه وحيث لم يبين دلّ على عدم الوجوب ولا سيما وقد اقترن بذلك قرينة أخرى وهي الأمر بقضاء الصوم وتخصيص الحكم به (وفي الحديث) دليل لما يقوله الأصوليون من أن قول الصحابى كنا نؤمر وننهى في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وإلا لم تقم الحجة به اهـ