وبحديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأبا بكر وعمر أحرقوا متاع الغال وضربوه. أخرجه الحاكم والبيهقي والمصنف في الباب المذكور وبحديث سعد ابن أبي وقاص قال سمعت النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول: من وجدتموه يصيد فيه "يعني في حرم المدينة" فخذوا سلبه. أخرجه مسلم.
وبحديث ابن عمرو أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سئل عن الثمر المعلق فقال: من أصاب بفيه من ذى حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه. ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة. ومن سرق منه شيئًا بعد أن يؤديه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع. أخرجه المصنف في "باب ما لا قطع فيه" من كتاب الحدود. والخبنة بضم المعجمة وسكون الموحدة معطف الإزار وطرف الثوب: أي لا يأخذ معه في ثوبه.
وذهب الجمهور إلى أن العقوبة بالمال غير مشروعة لا فرق في ذلك بين مانع الزكاة والغال في الصدقة والغنيمة وغيرهما. وأجابوا عن حديث بهز بأنه لم يثبت: فقد قال الشافعي ليس بهز حجة، وهذا الحديث لا يثبته أهل العم بالحديث ولو ثبت لقلنا به اهـ
وسئل عنه أحمد فقال لا أدري ما وجهه اهـ
ودعوى أنه منسوخ غير مسلمة. قال الحافظ في التلخيص قال البيهقي وغيره حديث بهز هذا منسوخ. وتعقبه النووي بأن الذي ادعوه من كون العقوبة كانت بالأموال في الأموال أول الإِسلام ليس بثابت ولا معروف. ودعوى النسخ غير مقبولة مع الجهل بالتاريخ اهـ
"وأما" قول الحربي وابن حجر إنه لا دليل في حديث بهز على جواز العقوبة بالمال لأن الرواية وشطر ماله بالبناء للمجهول أي جعل ماله شطرين ويخير الساعي فيأخذ الصدقة من خير الشطرين عقوبة لمنعه الزكاة ولا يلزمه مال فوق الواجب "فقد" رده النووي وغيره بأن الأخذ من خير الشطرين عقوبة مالية لأن الواجب الوسط بلا خيار. وأجابوا عن حديث عمر بأنه لا يصلح للاحتجاج به، فإن في سنده صالح بن محمَّد بن زائدة المدينيّ. قال فيه البخاري منكر الحديث. وقال أبو داود والنسائي ليس بالقوي وضعفه غير واحد. وقال الحافظ في تهذيب التهذيب بعد ذكر الحديث في ترجمة صالح المذكور لا يتابع عليه. وقال الدارقطني أنكروه على صالح ولا أصل له. ومثله حديث ابن عمرو الأول فإن في سنده زهير بن محمَّد وهو مجهول.
(وأجابوا) عن حديث سعد بن أبي وقاص بأنه من باب الفدية كما تجب على من يصيد صيد مكة فهو وارد علي سبب خاص الذي هو التعدي على صيد حرم المدينة فلا يتجاوزه إلى غيره. وكذا قوله في حديث ابن عمر والأخير "ومن خرج بشيء منه" أي من الثمر (فعليه غرامة مثليه) وارد علي سبب خاص فلا يتعداه إلى غيره فهو مما ورد علي خلاف القياس فيقتصر فيه على محل الورود. وإلا فقد دل الكتاب والسنة على تحريم مال الغير قال الله تعالى (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ) وفي حديث حجة الوداع "إنما دماؤكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام" وفي حديث لمسلم كل