للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في جواب النهى على أن ثم بمعنى الواو، وقول النووى لا يجوز النصب لأنه يقتضى أن المنهى عنه الجمع بينهما دون إفراد أحدهما وهذا لم يقل به أحد بل البول منهيّ عنه سواء أراد الاغتسال فيه أو منه أم لا غير مسلم فإن النهى عن الجمع بين البول والاغتسال في مكان واحد لا مانع من إرادته في الحديث بدليل التعليل الآتى وكونه يترتب عليه جواز البول في المستحم ولم يقل به أحد هذا وإن كان مسلما إلا أنه جاء من طريق المفهوم وهو معارض بالتعليل المذكور في الحديث فإنه لو بال في المغتسل أحد واغتسل فيه آخر أورثه ذلك الوسوسة ومعارض أيضا بنحو قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا ضرر ولا ضرار رواه أحمد وابن ماجه عن ابن عباس، وقال ابن دقيق العيد النهى عن الجمع بينهما يؤخذ من هذا الحديث إن ثبتت رواية النصب ويؤخذ النهى عن الإفراد من حديث آخر اهـ وأما لو بال في المستحم وهجره من الاغتسال فيه جاز له ذلك، ويجوز جزم يغتسل عطفا على يبولنّ والمعنى عليه النهى عن البول في المستحم وهو ظاهر وعن الاغتسال فيه على معنى الانغماس فيه لما يترتب عليه من قذارة الماء وعليه فالنهى للتنزيه

(قوله قال أحمد ثم يتوضأ) أى قال أحمد بن محمد بن حنبل في روايته ثم يتوضأ بدل يغتسل في رواية الحسن وهذا ظاهر كلام المصنف والذى في رواية البيهقى من طريق أحمد ثم يغتسل فيه ثم يتوضأ

(قوله فإن عامة الوسواس منه) أى من الغسل أو الوضوء في محل البول، وهو علة للنهى وعامة الشئ جميعه أو أكثره وهو المراد هنا والوسواس حديث النفس بما لا خير فيه أو بما فيه شرّ وهو مصدر وسوس يقال وسوس يوسوس وسوسة ووسواسا بكسر الواو ووسواسا بفتحها والوسواس بالفتح اسم للشيطان أيضا وكل منهما يصح إرادته هنا أما الأول ظاهر وأما الثانى فعلى تقدير مضاف أى فإن عامة فعل الوسواس منه والمراد بفعل الوسواس وسوسته. قال العراقى علل النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هذا النهى بأن هذا الفعل يورث الوسواس ومعناه أن المغتسل يتوهم أنه أصابه شئ من رشاشه فيحصل له وسواس. وروى ابن أبى شيبة في مصنفه عن أنس بن مالك رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أنه قال إنما يكره البول في المغتسل مخافة اللمم، وذكر صاحب الصحاح وغيره أن اللمم طرف من الجنون وهذا يقتضى أن العلة في النهى عن البول في المغتسل خشية أن يصيبه شئ من الجن وهو معنى مناسب لأن المغتسل محل حضور الشياطين لما فيه من كشف العورة فهو في معنى البول في الجحر. لكن المعنى الذى علل به النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أولى بالاتباع قال ويمكن جعله موافقا لقول أنس بأن يكون المراد بالوسواس في الحديث الشيطان وفيه حذف تقديره فإن عامة فعل الوسواس أى الشيطان منه وفعل الوسواس هنا اللمم لكنه خلاف ما فهمه العلماء من الحديث ولا مانع من التعليل بهما فكل منهما علة مستقلة اهـ وقال السيوطي هما علة واحدة ولا منافاة فإن اللمم الذى ذكره أنس هو الوسواس بعينه وذلك طرف من الجنون فإنه قد كثر في الحديث والآثار وأشعار العرب إطلاق الوسواس مرادا به الجنون فمن ذلك حديث أحمد عن عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُقال لما توفى النبى صلى

<<  <  ج: ص:  >  >>