للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنك ترى ولا ترى وأنت في المنظر الأعلى وإن لك الآخرة والأولى، وإن إليك الرجعى وإنا نعوذ بك أن نذل ونخزى. وليس في القنوت دعاء مؤقت معين كما قاله إبراهيم النخعي. وروى محمَّد بن نصر عن هشام بن عروة عن أبيه مرفوعًا إنما أقنت بكم لتدعوا ربكم وتسألوه حوائجكم. وقال مالك وليس في القنوت دعاء معروف. ولا بأس أن يدعو الرجل بجميع حوائجه في المكتوبة حوائج دنياه وآخرته في القيام والجلوس والسجود.

واختلف في رفع اليدين في القنوت. فذهب أحمد وأصحاب الرأى وإسحاق إلى أنه يرفع يديه. قال النووي وهو الصحيح عند الشافعية. واحتجوا بما رواه البيهقي بإسناد صحيح أو حسن عن أنس في قصة القراء الذين قتلوا: قال لقد رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كلما صلى الغداة يرفع يديه يدعو عليهم "يعني على الذين قتلوهم".

قال الحافظ في التلخيص فيه علي بن الصقر، وقد قال فيه الدارقطني ليس بالقوي. واحتجوا أيضًا بما رواه الحاكم في المستدرك من طريق عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا رفع رأسه من الركوع في صلاة الصبح في الركعة الثانية رفع يديه فيدعو بهذا الدعاء اللهم اهدني فيمن هديت

(الحديث) قال الحاكم صحيح. لكن قال الحافظ في التلخيص وليس كما قال فهو ضعيف لأجل عبد الله اهـ

وروى محمَّد بن نصر عن الأسود أن عبد الله بن مسعود كان يرفع يديه في القنوت إلى صدره. وروى أيضًا عن أبي عثمان النهدي كان عمر يقنت بنا في صلاة الغداة ويرفع يديه حتى يخرج ضبعية اهـ وهو تثنية ضبع بسكون الموحدة وهو العضد. وذهب جماعة إلى عدم رفع اليدين في القنوت منهم مالك والأوزاعي كما رواه عنه ابن نصر عن الوليد قال سألت الأوزاعي عن رفع اليدين في قنوت الوتر فقال لا ترفع يديك وإن شئت فأشر بأصبعك.

(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه والطحاوي ومحمد بن نصر

(ص) حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ نَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَنَتَ شَهْرًا ثُمَّ تَرَكَهُ.

(ش) (قوله قنت شهرًا ثم تركه) استدل به الحنفية على نسخ القنوت في الصلوات المكتوبة.

لكنه لا يصلح دليلًا على النسخ لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يدعو على أحياء من العرب في هذا الشهر ثم ترك الدعاء عليهم، فالمراد ترك الدعاء على هؤلاء الكفار فقط لا أنه تركه أصلًا حتى عند النوازل. فقد روى ابن خزيمة بإسناد صحيح عن أنس أن النبي

<<  <  ج: ص:  >  >>