للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غفل عنه ذهب به. وعلى فرض عدم التفرقة بين أهل الفترة فيجاب عن هذه الأحاديث بأنها أخبار آحاد تفيد الظن فلا تعارض القطعي المفيد أنهم غير معذبين كقوله تعالى "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا" أو بأن التعذيب المذكور في الأحاديث خاص بهؤلاء المذكورين اتباعًا للوارد فلا يقاس عليهم غيرهم والله أعلم بالسبب الموقع لهم في العذاب وإن كنا لا نعلمه فالظن بآبائه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يكونوا من القسم الأوّل خصوصًا مع ما علمته من الأدلة الدالة على نجاتهما.

وعلى الجملة فالأولى ما ذكره بعض المحققين من أنه لا ينبغي ذكر هذه المسألة إلا مع مزيد الأدب وليست من المسائل التي يضر جهلها أو يسأل عنها في القبر أو في الموقف فحفظ اللسان عن التكلم فيها إلا بخير أولى وأسلم

(قال الحلوانى في المواكب) القول بكفر أبويه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم زلة عاقل نعوذ بالله من ذلك. فمن تفوه به فقد تعرض للكفر بإيذائه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. فقد جاء أن عكرمة بن أبي جهل اشتكي إليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن الناس يسبون أباه فقال لا تؤذوا الأحياء بسب الأموات رواه الطبراني ولا شك أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حيّ يرزق في قبره تعرض عليه أعمالنا وإذا روعي عكرمة رضي الله عنه في أبيه بالنهي عما يتأذى به من سبه فسيد الخلق أولى وأوجب، كيف وقد جاء أن سبيعة وكأنها المعروفة بدرة بنت أبي لهب جاءت إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقالت إن الناس يصيحون بي يقولون إني ابنة حطب النار فقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو مغضب شديد الغضب فقال: ما بال أقوام يؤذونني في نسبي وذوي رحمي ألا ومن آذي نسبي وذوي رحمي فقد آذاني ومن آذاني فقد آذي الله عَزَّ وَجَلَّ

(وقد) سئل الإِمام أبو بكر بن العربي المالكي عن رجل قال إن أباه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في النار فأجاب بأنّه ملعون لآية "إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة" ولا أذي أعظم من أن يقال إن أباه في النار اهـ

(ولذا) غضب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه غضبا شديدًا على كاتب له قال ذلك وهو يسمعه وعزله من دواوينه كلها كما ذكره أبو نعيم في الحلية

(وأما) ما قيل إن قوله تعالى "ولا تسأل عن أصحاب الجحيم" نزل في أبويه صلى الله تعالى وعلى آله وسلم فأثر ضعيف الإسناد فلا يعول عليه والمقطوع به أن الآية في كفار أهل الكتاب كسابقها ولاحقها

(ومما يؤيده) قول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في آية "ولسوف يعطيك ربك فترضى" من رضا محمَّد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ألا يدخل أحد من أهل بيته النار أخرجه ابن جرير.

وخبر سألت ربي ألا يدخل النار أحد من أهل بيتى فأعطاني ذلك أخرجه ابن سعد. بل لو ورد دون ما قدمناه لكان فيه مقنع لمن منح أدنى توفيق فيجب اعتقاد ذلك.

بل قال العلامة السحيمي في شرحه على عبد السلام إنه يجب اعتقاد أن جميع

<<  <  ج: ص:  >  >>