للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فقه الحديث) دلّ الحديث على نجاسة الكلب لأنه إذا كان لعابه نجسا وهو متولد من جسده فجسده أولى، وقد ذهب الجمهور إلى هذا ويدلّ لهم أيضا ما رواه مسلم عن أبي هريرة أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرار قالوا فلو كان سؤره طاهرا لما أمر بإراقته، ولا يقال المراد الطهارة اللغوية التي هي النظافة لأن حمل اللفظ على حقيقته الشرعية مقدّم على حمله على حقيقته اللغوية، ولا يقال أيضا إن الأمر بغسل الإناء تعبدى فلا يدلّ على نجاسته، لأن هذا بعيد عن ظاهر الحديث لقوله فيه طهور إناء أحدكم، وقال عكرمة ومالك في رواية عنه إن الكلب طاهر ودليلهم قول الله تعالى "فكلوا مما أمسكن عليكم" ولا يخلو الصيد من التلوّث بريق الكلاب ولم نؤمر بالغسل، وأجيب عنه بأن إباحة الأكل مما أمسكن لا تنافي وجوب تطهير ما تنجس من الصيد وعدم الأمر للاكتفاء بما في أدلة تطهير النجس من العموم ولو سلم فغايته الترخيص في الصيد بخصوصه، واستدلوا أيضا بما ثبت عند البخارى والمصنف من حديث ابن عمر "كانت الكلاب تقبل وتدبر زمان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في المسجد فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك" وأخرجه الترمذي بزيادة وتبول، وردّ بأن البول مجمع على نجاسته فلا يصح حديث بول الكلاب في المسجد حجة يعارض بها الإجماع، وأما مجرّد الإقبال والإدبار فلا يدلان على الطهارة وأيضا يحتمل أن يكون ترك الغسل لعدم تعيين موضع النجاسة، أو لطهارة الأرض بالجفاف وقال المنذرى إنها كانت تبول خارج المسجد ثم تقبل وتدبر في المسجد اهـ. وقال الحافظ الأقرب أن يقال إن ذلك كان في ابتداء الحال على أصل الإباحة ثم ورد الأمر بتكريم المساجد وتطهيرها وجعل الأبواب عليها، واستدلوا أيضا على الطهارة بما سيأتي من الترخيص في كلب الصيد والماشية والزرع، وأجيب بأنه لا منافاة بين الترخيص وبين الحكم بالنجاسة، غاية الأمر أنه تكليف شاق وهو لا ينافي التعبد به، أفاده الشوكاني، ودلّ الحديث أيضا على نجاسة ما ولغ فيه الكلب. وعلى وجوب غسله سبع مرات، وتقدّم الخلاف فيه. وعلى أن حكم النجاسة يتعدّى عن محلها إلى ما يجاوره إذا كان مائعا.

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه أحمد ومسلم والدارقطني والطحاوى والبيهقي

(ص) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَلِكَ قَالَ أَيُّوبُ، وَحَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ: عَنْ مُحَمَّدٍ.

(ش) أى مثل رواية هشام بن حسان قال أيوب السختياني وحبيب بن الشهيد عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، أما رواية أيوب فقد وصلها المصنف بعد، وأما رواية حبيب بن الشهيد فلم نقف على من وصلها (وأيوب) هو ابن أبي تميمة كيسان أبو بكر السختياني البصرى

<<  <  ج: ص:  >  >>