ذكر ما دونها فيؤخذ بأقل ما ورد في ذلك. وأقله الرواية التى فيها البريد اهـ (وقال في النيل) قد ورد من حديث ابن عباس عند الطبرانى ما يدل على اعتبار المحرم فيما دون البريد. ولفظه "لا تسافر امرأة ثلاثة أميال إلا مع زوج أو ذى محرم" وهذا هو الظاهر أعنى الأخذ بأقل ما ورد، لأن ما فوقه منهى عنه بالأولى "والتنصيص" على ما فوقه كالتنصيص على الثلاث واليوم والليلة واليومين والليلتين "لا ينافيه" لأن الأقل موجود في ضمن الأكثر. وغاية الأمر أن النهى عن الأكثر يدل بمفهومه على أن ما دونه غير منهى عنه. والنهى عن الأقل منطوق وهو أرجح من المفهوم اهـ (وقالت الحنفية) لا يجوز للمرأة أن تسافر ثلاثة أيام فما فوقها إلا ومعها محرم أو زوج. ويجوز لها فيما دون ذلك بدونهما. قال الطحاوى في شرح معانى الآثار بعد أن ذكر أحاديث المبحث: اتفقت هذه الآثار كلها عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على تحريم السفر ثلاثة أيام على المرأة بغير ذى محرم. واختلفت فيما دون الثلاث. فنظرنا في ذلك فوجدنا النهى عن السفر بلا محرم مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا ثابتا بهذه الآثار كلها. وكان توقيته بثلاثة أيام في ذلك إباحة "دليل" السفر لها فيما دون الثلاث بغير محرم، ولولا ذلك لما كان لذكره الثلاث معنى ولنهى نهيا مطلقا. ولم يتكلم صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بكلام يكون فضلا، ولكنه ذكر الثلاث ليعلم أن ما دونها بخلافها. فلما ذكر الثلاثة وثبت بذكره إياها إباحة ما هو دونها "ثم ما روى" عنه في منعها من السفر دون الثلاثة من اليوم واليومين والبريد "فكل واحد" من تلك الآثار ومن الأثر المروى في الثلاثة متى كان بعد الذى خالفه نسخه فإن كان النهى عن سفر اليوم بلا محرم بعد النهى عن سفر الثلاث بلا محرم فهو ناسخ له وإن كان خبر الثلاث هو المتأخر عنه فهو ناسخ له. فقد ثبت أن أحد المعاني التى دون الثلاث ناسخة للثلاث أو الثلاث ناسخة لها. فلم يخل خبر الثلاث من أحد وجهين: إما أن يكون هو المتقدم أو يكون هو المتأخر. فإن كان هو المتقدم فقد أباح السفر أقل من ثلاث بلا محرم، ثم جاء بعده النهى عن سفر ما دون الثلاث بغير محرم فحرم ما حرم الحديث الأول وزاد عليه حرمة أخرى وهو ما بينه وبين الثلاث، فوجب استعمال الثلاث على ما أوجبه الأثر المذكور فيه. وإن كان هو المتأخر وغيره هو المتقدم، فهو ناسخ لما تقدمه. والذى تقدم غير واجب العمل به. فحديث الثلاث واجب استعماله على الأحوال كلها. وما خالفه فقد يجب استعماله إن كان هو المتأخر. ولا يجب إن كان هو المتقدم. فالذى قد وجب علينا استعماله والأخذ به في كلا الوجهين أولى مما قد يجب استعماله في حال ويترك في حال. وفي ثبوث ما ذكرنا دليل على أن المرأة ليس لها أن تحج إذا كان بينها وبين الحج مسيرة ثلاثة أيام إلا مع محرم. فإذا عدمت المحرم وكان بينها وبين مكة المسافة التى ذكرنا فهى غير واجدة للسبيل الذى يجب عليها الحج بوجوده اهـ بتصرف وفيما قاله من النسخ نظر فإنه إذا كان النهى عن الثلاث متأخرا عن بقية الروايات فهو يفيد بمنطوقه النهى عن الثلاث