فالعجز عن البدل في الشرع كالعجز عن المبدل وإذا كان عجزه عن المبدل لا يمنعه من الصلاة فكذلك لعجزه عن البدل. وفي الحديث دليل على اعتبار النية في الطهارة بوجه بديع لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم جعل الطهور مفتاح الصلاة التي لا تفتتح ولا يدخل فيها إلا به وما كان مفتاحا للشئ كان قد وضع لأجله وأعدّ له ومن المعلوم أن ما شرع للشئ ووضع لأجله لا بدّ أن يكون الآتي به قاصدا ما جعل مفتاحا له ومدخلا إليه هذا هو المعروف حسا كما هو ثابت شرعا، ومن المعلوم أن من سقط في ماء وهو لا يريد التطهر لم يأت بما هو مفتاح الصلاة فلا تفتح له الصلاة وصار هذا كمن حكى عن غيره أنه قال لا إله إلا الله وهو غير قاصد لقولها فإنه لا تكون مفتاحا للجنة منه لأنه لم يقصدها، وهكذا هذا لما لم يقصد الطهور لم يحصل له مفتاح الصلاة (الحكم الثاني) قوله وتحريمها التكبير يفيد حصر التحريم في التكبير نظير ما تقدم وهو دليل بين على أنه لا تحريم لها إلا التكبير وهذا قول الجمهور وعامة أهل العلم قديما وحديثا، وقال أبو حنيفة ينعقد بكل لفظ يدل على التعظيم فاحتج الجمهور عليه بهذا الحديث. ثم اختلفوا فقال أحمد ومالك وأكثر السلف تتعين لفظة الله أكبر وحدها. وقال الشافعى يتعين أحد اللفظين الله أكبر أو الله الأكبر. وقال أبو يوسف يتعين التكبير وما تصرّف منه نحو الله الكبير، وحجته أنه يسمى تكبيرا حقيقة فيدخل في قوله تحريمها التكبير، وحجة الشافعى أن المعرّف في معنى المنكر فاللام لم تخرجه عن موضوعه بل هى زيادة في اللفظ غير مخلة بالمعنى بخلاف الله الكبير وكبرت الله ونحوه فإنه ليس فيه من التعظيم والتفضيل والاختصاص ما في لفظه الله أكبر. والصحيح قول الأكثرين وأنه يتعين الله أكبر بخمس حجج (الأولى) قوله تحريمها التكبير واللام هنا للعهد فهى كاللام في قوله مفتاح الصلاة الطهور، وليس المراد به كل طهور بل الطهور الذي واظب عليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وشرعه لأمته وكان فعله له تعليما وبيانا لمراد الله تعالى من كلامه وهذا التكبير هنا هو التكبير المعهود الذى نقلته الأمة نقلا ضروريا خلفا عن سلف عن نبيها صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنه كان يقوله في كل صلاة لا يقول غيره ولا مرّة واحدة فهذا هو المراد بلا شك من قوله تحريمها التكبير وهذا حجة من جوّز الله الأكبر والله الكبير فإنه وإن سمى تكبيرا لكنه ليس التكبير المعهود المراد بالحديث (الثانية) أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال للمسيء في صلاته إذا قمت إلى الصلاة فكبر ولا يكون ممتثلا للأمر إلا بالتكبير وهذا أمر مطلق يتقيد بتعليمه الذي لم يخلّ به هو ولا أحد من خلفائه ولا أصحابه (الثالثة) ما روى أبو داود من حديث رفاعة أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لا يقبل الله صلاة امرئ حتى يضع الطهور مواضعه ثم يستقبل القبلة ويقول الله أكبر (الرابعة) أنه لو كانت تنعقد الصلاة بغير هذا