للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالك فى الموطإ عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم والآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذى محرم منها. وتقدم نحوه للمصنف (وأجابوا) عن بقية الروايات المخالفة لرواية أبى هريرة المذكورة، بإمكان إرجاعها إليها فالرواية التى فيها ذكر اليوم فقط أراد منها اليوم والليلة. والتى فيها ذكر الليلة أراد منها الليلة واليوم لارتباط كل منهما بالآخر. والرواية التى فيها ذكر الليلتين أو اليومين. أراد بها مدة الذهاب والرجوع. وهكذا رواية الثلاث أراد بها يوم الذهاب ويوم الرجوع واليوم الوسط الذى تقضى فيه حاجتها التى سافرت لأجلها. قالوا وهذا كله فى حج الفرض. وأما حج التطوع أو السفر المباح فلا يجوز لها أن تسافر المدة المذكورة إلا مع زوج أو محرم ألبتة "وفيما أجابوا" به عن رواية اليوم والليلة واليومين والليلتين والثلاث "نظر" لأنه صرف لها عن ظاهرها بدون حاجة ويرد عليهم رواية البريد والثلاثة الأميال فلا يمكنهم أن يقولوا فيهما ما ذكروه. فالراجح العمل بالرواية المطلقة لما علمت من أن ما عداها من الروايات المقيدة يحتمل أنها لم ترد للتحديد. وإنما وردت طبقا لأسئلة فلا مفهوم لها (قال البيهقى) وهذه الروايات في الثلاثة واليومين واليوم صحيحة. وكأن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سئل عن المرأة تسافر ثلاثا بغير محرم فقال لا. وسئل عن سفرها يومين بغير محرم فقال لا. وسئل عن سفرها يوما فقال لا. فأدى كل منهم ما حفظ. ولا يكون عدد من هذه الأعداد حدا للسفر. واستدل عليه بما رواه البخارى ومسلم عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول: لا يخلون رجل بامرأة ولا تسافر امرأة إلا ومعها ذو محرم اهـ (قال النووى) فتحصل أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يرد تحديد ما يقع عليه السفر. بل أطلقه على ثلاثة أيام وعلى يومين وعلى يوم وليلة وعلى يوم وعلى بريد وهو مسيرة نصف يوم. فدل على أن الجميع يسمى سفرا اهـ (واختلف) هل الزوج أو المحرم شرط فى وجوب حج المرأة. فقال الحسن والنخعى وإسحاق وابن المنذر إنه شرط وهو رواية عن أحمد (وقالت الحنفية) يشترط وجود الزوج أو المحرم إذا كان بينها وبين مكة ثلاثة أيام فأكثر، لحديث ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: لا تسافر المرأة إلا مع ذى رحم محرم ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم. رواه أحمد والشيخان والبيهقى. ولما تقدم للمصنف عن ابن عمر أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: لا تسافر المرأة ثلاثا إلا ومعها ذو محرم. ورواه أيضا الشيخان والطحاوى والبيهقى. فلا يجوز لها الخروج وحدها إذا لم يكن معها زوج أو محرم وإن كان معها امرأة أخرى أو أكثر، لأن خوف الفتنة عند اجتماع النساء أكثر (وقالت المالكية) يشترط فى وجوب الحج عليها أحد أمور ثلاثة: زوج أو محرم أو رفقة مأمونة كما تقدم إذا كان بينها وبين مكة يوم وليلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>