للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رمضان. ويؤيده ما رواه أحمد من طريق سفيان بن حسين وفيه خشيت أن يفرض عليكم قيام هذا الشهر. وعلى هذا فيرتفع الإشكال لأن قيام رمضان لا يتكرر كل يوم بل كل سنهّ فلا يكون قدرًا زائدًا على الخمس. وقال ابن بطال يحتمل أن يكون هذا القول صدر منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لما كان قيام الليل فرضًا عليه دون أمته فخشي إن خرج إليهم والتزموا معه قيام الليل أن يسوّي الله بينهم وبينه في حكمه لأن الأصل في الشرع المساواة بين النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وبين أمته في العبادة

(قوله وذلك في رمضان) من كلام عائشة أدرجته في الحديث لبيان أن هذه القصة كانت في رمضان

(فقه الحديث) دلّ الحديث على جواز صلاة النافلة في المسجد جماعة. لكن الأفضل فيها الانفراد إلا ما كانت الجماعة فيه من الشعائر كالكسوف. وكذا التراويح عند الجمهور لحديث الباب ولما فعله عمر والصحابة واستمر عمل المسلمين عليه

(وقال) مالك وأبو يوسف وبعض الشافعية وغيرهم الأفضل صلاتها فرادى في البيت إن لم تعطل المساجد لحديث أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة وحكاه الطحاوي عن ابن عمر وإبراهيم النخعي وإسحاق بن سويد وعروة وسعيد بن جبير والقاسم وسالم ونافع وغيرهم وقال فهؤلاء كلهم يفضل صلاته وحده في شهر رمضان على صلاته مع الإِمام وذلك هو الصواب اهـ

(وأجاب) الجمهور بأن حديث أفضل الصلاة صلاة المرء في ييته إلا المكتوبة مخصوص بغير ما شرعت فيه الجماعة من النوافل كالعيد فكان صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصليها في الصحراء وكذا التراويح فقد صلاها في المسجد جماعة. ودلّ الحديث على جواز الاقتداء بمن لم ينو الإمامة. وهو مذهب الجمهور.

ثم إذا نوى الإِمام الإمامة بعد الاقتداء به حصلت له ولهم فضيلة الجماعة وإن لم ينوها حصلت لهم دونه على الأصح لأنه لم ينوها. والأعمال بالنيات. ودل الحديث على أنه إذا تعارضت مصلحة وخوف مفسدة قدّم درأ المفسدة لأنه صلي الله عليه وعلى آله وسلم رأى الصلاة في المسجد مصلحة لبيان الجواز فلما عارضه خوف الافتراض عليهم تركه لعظم المفسدة التي يخافها وهي عجزهم عن القيام إذا فرضت عليهم. وعلى أنه يطلب من كبير القوم إذا فعل شيئًا لم يكن يتوقعه أتباعه لعذر أن يبينه لهم تطييبًا لقلوبهم. وعلى ما كان عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من الشفقة والرأفة بالأمة

(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه مالك وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي وأخرجه البيهقي من طريق الليث عن عقيل عن ابن شهاب أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أخبرته أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خرج ليلة من جوف الليل يصلي في المسجد فصلى رجال يصلون بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا بذلك فاجتمع أكثر منهم فخرج رسول الله صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الليلة

<<  <  ج: ص:  >  >>