للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آله وسلم عن التشبيك حال الذهاب إلى الصلاة لما فيه من عدم الخشوع فإنه في صلاة حكما فينبغى له فعل ما ينبغى للمصلي فعله من الخشوع واجتناب ما ينبغى للمصلى اجتنابه (وقد جاء النهى) عن التشبيك حال الذهاب إلى الصلاة في أحاديث أخر (منها) ما أخرجه ابن حبان في صحيحه من طريق عبد الرحمن بن أبى ليلى عن كعب بن عجرة أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال له يا كعب إذا توضأت فأحسنت الوضوء ثم خرجت إلى المسجد فلا تشبك بين أصابعك فإنك في صلاة (ومنها) ما أخرجه الحاكم وقال حديث صحيح على شرط الشيخين بسنده إلى أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا توضأ أحدكم في بيته ثم أتى المسجد كان في صلاة حتى يرجع فلا يفعل هكذا وشبك بين أصابعه (والحكمة) في النهى عن ذلك قيل لكونه من الشيطان كما صرّح به في رواية لأحمد بسنده إلى مولى لأبى سعيد الخدرى قال بينا أنا مع أبى سعيد الخدرى وهو مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذ دخلنا المسجد فإذا رجل جالس في المسجد محتبيا مشبكا أصابعه بعضها في بعض فأشار إليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فلم يفطن الرجل لإشارته فالتفت إلى أبى سعيد فقال إذا كان أحدكم في المسجد فلا يشبكنّ فإن التشبيك من الشيطان. وقيل لأنه يجلب النوم وهو مظنة الحدث وقيل لأن صورته تشبه صورة الاختلاف المنهىّ عنه في حديث لا تختلفوا فتختلف قلوبكم فكره ذلك لمن هو في حكم الصلاة حتى لا يقع في المنهى عنه "ولا يقال" إن هذه الأحاديث يعارضها ما أخرجه البخارى ويأتي للمصنف في باب سجود السهو عن أبى هريرة في قصة ذى اليدين وفيه فقام إلى خشبة مع روضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان ووضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه "الحديث" "لأن تشبيكه" صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقع بعد فراغه من الصلاة في ظنه فهو في حكم الخارح عنها. أو يقال إن النهى عن التشبيك ورد بألفاظ خاصة بالأمة. وفعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا يعارض القول الخاصّ بهم كما هو مقرّر في محله. أو أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم شبك في المسجد لبيان أن التشبيك فيه ليس بحرام، وعلى هذا فما ورد من النهى في الأحاديث محمول على الكراهة

(فقه الحديث) دلّ الحديث على النهى عن التشبيك حال الصلاة أو حال الذهاب إليها وهذا النهى محمول على الكراهة لحديث أبى هريرة المذكور (وإلى ذلك) ذهبت الحنابلة وقالوا إن الكراهة في الصلاة أشدّ (وذهبت) الحنفية إلى كراهة ذلك تحريما (وذهب) ابن عباس وعطاء والنخعى ومجاهد وسعيد بن جبير إلى أنه يكره في الصلاة فقط. وبه قالت المالكية والشافعية ودلّ الحديث أيضا على أنه يكتب لقاصد الصلاة أجر المصلى من حين يخرج إليها، وكذا إلى أن يعود منها كما صرّح به في رواية ابن خزيمة والحاكم عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله

<<  <  ج: ص:  >  >>