الخلفاء إلى الأمراء" وكان أبو موسى أميرا على الكوفة في زمن عمر وعثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما والسرقين بكسر السين المهملة وإسكان الراء الزبل، والبرية الصحراء منسوبة إلى البرّ، وقول أبي موسى هاهنا وثمّ سواء: يريد أنهما متساويان في صحة الصلاة فيهما (ثم ذكر) البخارى حديث أنس في قصة أناس من عرينة الذين أمرهم النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يلحقوا بلقاح الصدقة وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها وهو دليل ظاهر على طهارة أبوال الإبل أيضا (قال) الحافظ في الفتح أما شربهم البول فاحتج به من قال بطهارته أما من الإبل فبهذا الحديث، وأما من مأكول اللحم فبالقياس عليه وهذا قول مالك وأحمد وطائفة من السلف ووافقهم من الشافعية ابن خزيمة وابن المنذر وابن حبان والإصطخرى والروياني (واحتج) ابن المنذر على الطهارة بأن الأشياء على الطهارة حتى تثبت النجاسة قال ومن زعم أن هذا خاص بأولئك الأقوام فلم يصب إذ الخصائص لا تثبت إلا بالدليل قال "وفي ترك" أهل العلم بيع الناس أبعار الغنم في أسواقهم واستعمال أبوال الإبل في أدويتهم قديما وحديثا من غير نكير "دليل" على طهارتها (قلت) وهو استدلال ضعيف لأن المختلف فيه لا يجب إنكاره فلا يدلّ ترك إنكاره على جوازه فضلا عن طهارته (وقال) ابن العربى تعلق بهذا الحديث "يعنى حديث العرنيين" من قال بطهارة أبوال الإبل وعورضوا بأنه أذن لهم في شربها للتداوى (وتعقب) بأن التداوى ليس حال ضرورة بدليل أنه لا يجب فكيف يباح الحرام لما لا يجب (وأجيب) بمنع أنه ليس حال ضرورة بل هو حال ضرورة إذا أخبره بذلك من يعتمد على خبره وما أبيح للضرورة لا يسمى حراما وقت تناوله لقوله تعالى "وقد فصل لكم ما حرّم عليكم إلا ما اضطررتم إليه" فما اضطر إليه المرء فهو غير محرم عليه كالميتة للمضطر والله تعالى أعلم (وما تضمنه) كلامه من أن الحرام لا يباح إلا لأمر واجب (غير مسلم) فإن الفطر في رمضان حرام ومع ذلك يباح لأمر جائز كالسفر (وأما) قول غيره لو كان نجسا ما جاز التداوى به لقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "إن الله لم يجعل شفاء أمتى فيما حرّم عليها" رواه أبو داود من حديث أم سلمة والنجس حرام فلا يتداوى به لأنه غير شفاء (فجوابه) أن الحديث محمول على حالة الاختيار (وأما) حالة الضرورة فلا يكون حراما كالميتة للمضطر (ولا يرد) قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الخمر "إنها ليست بدواء إنها داء" في جواب من سأله عن التداوى بها فيما رواه مسلم فإن ذلك خاص بالخمر ويلتحق به غيره من المسكر، والفرق بين المسكر وبين غيره من النجاسات أن الحدّ يثبت باستعماله في حالة الاختيار دون غيره ولأن شربه يجرّ إلى مفاسد كثيرة ولأنهم كانوا في الجاهلية يعتقدون أن في الخمر شفاء فجاء الشرع بخلاف معتقدهم (وأما) أبوال الإبل فقد روى ابن المنذر عن ابن عباس مرفوعا "إن في أبوال الإبل شفاء للذربة