قال الحافظ في الفتح لا يخفى بعد هذا الحل مع أن البيهقي ذكر في روايته من هذا الوجه أن يحيى بن يزيد راويه عن أنس قال سألت أنسًا عن قصر الصلاة وكنت أخرج إلى الكوفة يعني من البصرة فأصلي ركعتين ركعتين حتى أرجع فقال أنس فذكر الحديث "يعني حديث الباب" فظهر أنه سأله عن جواز القصر في السفر لا عن الموضع الذي يبتدئ القصر منه. ثم قال وردّه "يعني الحديث" القرطبي بأنه مشكوك فيه فلا يحتج به. فإن كان المراد به أنه لا يحتج به في التحديد بثلاثة أميال فمسلم لكن لا يمتنع أن يحتج به في التحديد بثلاثة فراسخ فإن الثلاثة الأميال مندرجة فيها فيؤخذ بالأكثر احتياطا اهـ
قال في سبل السلام لكن قيل إنه لم يذهب إلى التحديد بالثلاثة الفراسخ أحد اهـ
وقال الخطابي إذا ثبت هذا الحديث كانت الثلاثة الفراسخ حدًّا فيما تقصر الصلاة إلا أني لا أعرف أحدًا من الفقهاء يقول به اهـ
(وقال) في الروضة الندية لم يأت في تعيين قدر السفر الذى يقصر فيه المسافر شيء عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فوجب الرجوع إلى ما يسمى سفرًا لغة وشرعًا فمن خرج من بلده قاصدًا محلًا يعدّ في سيره إليه مسافرًا قصر الصلاة وإن كان ذلك المحل دون بريد ولم يأت من اعتبر البريد واليوم وإليومين والثلاثة بحجة نيرة. وغاية ما جاءوا به حديث لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر ثلاثة أيام بغير ذي محرم. وفي رواية يومًا وليلة وفي رواية بريدًا. وليس فيه ذكر القصر ولا هو في سياقه. والاحتجاج به مجرد تخمين "ولا يقال" محل الدليل فيه كونه سمى تلك المدة سفرًا "لأنا نقول" تسميتها سفرًا لا ينافي تسمية ما دونها سفرًا فقد سمى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مسافة الثلاث سفرًا كما سمى مسافة البريد سفرًا في ذلك الحديث. وتسمية البريد سفرًا لا ينافي تسمية ما دونه سفرًا "وأما ما رواه" الدارقطني والبيهقي والطبراني من حديث ابن عباس أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال يأهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برد من مكة إلى عسفان "فهو ضعيف" لا تقوم به الحجة لأن في إسناده محمد الوهاب بن مجاهد الحجازي وهو متروك وقد نسبه النووي إلى الكذب وقال الأزدي لا تحل الرواية عنه وراويه عنه إسماعيل بن عياش وهو ضعيف في الحجازيين. والصحيح أنه موقوف على ابن عباس كما أخرجه عنه الشافعي بإسناد صحيح ومالك في الموطأ اهـ ملخصًا
(وعلى الجملة) فلم يرد عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم دليل صحيح صريح يفيد تحديد المسافة التي تقصر فيها الصلاة. وحديث الباب وإن كان صحيحًا فقد علمت ما فيه. فالاحتياط للدين أن لا تقصر الصلاة فيما دون أربعة برد خروجا من الخلاف
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه مسلم والبيهقي قال الحافظ في الفتح هو أصح حديث ورد في بيان مسافة القصر اهـ ولا وجه لمن قال إن يحيى بن يزيد ليس ممن يوثق به في ضبط هذا