للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عمر موقوفا فقال وإن لم يحفظه ابن علية فالحديث جيد الإسناد اهـ وقال أبو بكر البيهقي هذا الإسناد صحيح موصول اهـ وقال ابن القيم ومع صحة سنده فهو غير صحيح المتن لأنه لا يلزم من صحة السند صحة الحديث ما لم ينتف عنه الشذوذ والعلة ولم ينتفيا عن هذا الحديث: أما الشذوذ فإن هذا الحديث مع شدّة حاجة الأمة إليه لفصله بين الحلال والحرام والطاهر والنجس لم يروه غير ابن عمر ولا عن ابن عمر غير ابنيه، فأين نافع وسالم وأيوب وسعيد بن جبير وأين أهل المدينة وعلماوها لم يعلموا هذه السنة وهم إليها أحوج الخلق لعزّة الماء عندهم، ومن البعيد جدّا أن تكون هذه السنة عند ابن عمر وتخفى على علماء المدينة ولا يذهب إليها أحد منهم ولا يروونها ومن أنصف لم يخف عليه امتناع هذا فلو كانت هذه السنة العظيمة المقدار عند ابن عمر لكان أصحابه وأهل المدينة أوّل من يقول بها ويرويها وحيث لم يقل بهذا التحديد أحد من أصحاب ابن عمر علم أنه لم يكن فيه عنده سنة عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأما علته فالاختلاف فيه على عبد الله رفعا ووقفا، وقد رجح شيخ الإسلام أبو الحجاج المزّى وأبو العباس ابن تيمية وقفه، ويدلّ على وقفه أن مجاهدا وهو العلم المشهور والثبت المعروف رواه عنه موقوفا كما صوّبه الدارقطني فقد قال في السنن حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسى أنا عبد الله بن الحسين بن جابر أنا محمد بن كثير المصيصى عن زائدة عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إذا كان الماء قلتين فلا ينجسه شئ، رفعه هذا الشيخ عن محمد بن كثير عن زائدة ورواه معاوية بن عمرو عن زائدة موقوفا وهو الصواب اهـ قال ورجح البيهقي في سننه وقفه من طريق مجاهد وجعله هو الصواب. قال شيخنا أبو العباس تقي الدين هذا كله يدل على أن ابن عمر لم يكن يحدّث به عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولكن سئل عن ذلك فأجاب. بحضرة ابنه فنقل ابنه ذلك عنه اهـ كلام ابن القيم بتصرف، وقد يقال إن ما ذكره من الشذوذ والعلة ليس بقادح في صحة الحديث فإن انفراد الصحابي بحديث وسكوت بقية الصحابة عنه لا يستلزم ردّ ذلك الحديث وإلا لسقط كثير من الأحاديث الصحيحة التي تفرد بها الصحابي ولا يخفي بعده، وأما كونه موقوفا على ابن عمر من طريق مجاهد فلا ينافي ما ثبت عن الثقات من رفعه إلى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. قال الخطابي ويكفي شاهدا على صحة هذا الحديث أن نجوم أهل الحديث صححوه وقالوا به واعتمدوه في تحديد الماء وهم القدوة وعليهم المعوّل في هذا الباب اهـ ببعض تصرّف (والحاصل) أن الحديث قد اختلف في سنده ومتنه وفي معناه ورفعه ووقفه، أما الاختلاف في السند فقد جاء من ثلاث روايات (إحداها) رواية الوليد بن كثير رواها أبو داود عن محمد بن العلاء الخ ورواه عن أبي أسامة عن الوليد عن محمد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله جماعة منهم إسحاق بن راهوية وأحمد بن جعفر

<<  <  ج: ص:  >  >>