ذكرت عقب الصلاة لقرنها بها في الكتاب والسنة قال الله تعالى "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة" وقال صلى الله عليه وآله وسلم" بني الإِسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة الحديث" والزكاة لغة تطلق على الطهارة والثناء والبركة: قال الله تعالى "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها" ويقال زكا الزرع إذا نما وزاد. وفي عرف الشرع اسم للقدر المخرج من المال حقًا لله تعالى.
سمي بذلك، لأنه مطهر للمال بإخراج حق الغير منه، ومطهر للشخص المزكى من دنس البخل والآثام وبه يبارك في المال ويخلف على المتصدق قال تعالى "وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه" أو تمليك جزء مصدر من مال لواحد أو أكثر من الأصناف الثمانية المذكورة في قوله تعالى "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها، الآية وذلك على وجه مخصوص يأتي بيانه.
وهي فرض ثابت بالكتاب والسنة والإجماع من جحد فرضيتها كفر. فرضت في السنة الثانية من الهجرة بعد زكاة الفطر، وقيل فرضت بمكة إجمالًا وبينت بالمدينة تفصيلًا، جمعًا بين الآيات الدالة على فرضيتها بمكة كقوله تعالى "وآتوا حقه يوم حصاده" في سورة الإنعام، وقوله "وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم" في سورة الذاريات، فإنهما, مكيتان والآيات الدالة على فرضيتها بالمدينة كقوله تعالى، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، في سورة البقرة، وقوله تعالى "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها، في سورة التوبة فإنهما مدنيتان. وسبب وجوبها ملك النصاب وتمام الحول في غير الزرع. وحكمة مشروعيتها التطهير من أدناس الذنوب والبخل. والإحسان إلى المحتاجين والرفق بهم وارتفاع الدرجات بفعل القربات لله تعالى، وأيضًا فإن المال محبوب بالطبع، فإذا استغرق القلب في حبه اشتغل به عن حب الله وعن الطاعة المقربة إليه تعالى، فاقتضت الحكمة إيجاب الزكاة في ذلك المال ليصير سببًا للقرب منه تعالى.
وأيضًا فإن إخراج المال سياق على النفر فأوجب الله الزكاة لامتحان أرباب الأموال ليتميز بذلك المطيع المخرج لها عن طيب نفس من مال العاصي المانع لها، وفيها أيضًا تطييب قلوب الفقراء واطمئنان نفوسهم بما يأخذونه من مال الأغنياء، فلا يطمعون في الاستيلاء عليها بوجه غير مشروع. وشروط افتراضها الإِسلام والحرية وكمال النصاب وعلم فرضيتها لمن أسلم بعيدًا عن دار الإِسلام. وشروط صحة أدائها نية مقارنة للأداء أو لعزل القدر الواجب. ثم إن الزكاة تكون في الإبل والبقر والغنم، وفي الذهب والفضة والزروع والثمار وعروض التجارة على التفصيل الذي سيمر بك بعد إن شاء الله تعالى