الفاحشة إن لم يأمن على نفسه الإنزال أو الجماع. ولا تكره إن أمن ذلك لما سيأتى فى "باب كراهيته للشاب" عن أبي هريرة أنّ رجلا سأل النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن المباشرة للصائم فرخص له. وأتاه آخر فنهاه، فإذا الذى رخص له شيخ والذي نهاه شاب. أمّا القبلة الفاحشة وهي مص شفتيها فتكره مطلقا، وكذا المباشرة الفاحشة وهى أن يتعانقا متجردين متماسى الفرجين. وكذا فرق الشافعى والثورى والأوزاعى بين الشاب والشيخ، فأباحوا القبلة للشيخ وكرهوها للشاب. وهو المروى عن ابن عباس ورواية عن مالك. قال النووى فى شرح مسلم قال الشافعى والأصحاب القبلة فى الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته لكن الأولى له تركها, ولا يقال إنها مكروهة له وإنما قالوا إنها خلاف الأولى في حقه مع ثبوت أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يفعلها لأنه كان يؤمن فى حقه مجاوزة حد القبلة ويخاف على غيره مجاوزتها كما قالت عائشة كان أملككم لإربه. وأما من حرّكت من شهوته فهى حرام فى حقه على الأصح عند أصحابنا وقيل مكروهة كراهة تنزيه اهـ. وقال الحافظ فى الفتح وقد اختلف فى القبلة والمباشرة للصائم فكرهها قوم مطلقا وهو مشهور عند المالكية. وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن ابن عمر أنه كان يكره القبلة والمباشرة ونقل ابن المنذر وغيره عن قوم تحريمهما واحتجوا بقوله تعالى {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} فمنع من المباشرة نهارا (والجواب) عن ذلك أنّ النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هو المبين عن الله تعالى وقد أباح المباشرة نهارا فدلّ على أنّ المراد بالمباشرة فى الآية الجماع لا ما دونه من قبلة ونحوها. وأباح القبلة قوم مطلقا وهو المنقول عن أبي هريرة وسعد بن أبي وقاص وطائفة بل بالغ بعض أهل الظاهر فاستحبها اهـ بحذف. وذهب له شريح وإبراهيم النخعى والشعبى ومسروق ومحمد بن الحنفية وأبو قلابة وعبد الله بن شبرمة إلى أن القبلة تفطر الصائم وعليه أن يقضى يوما مكانه. واستدلوا بحديث إسراءيل بن يونس عن زيد بن جبير عن أبي يزيد الضبى عن ميمونة مولاة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: قالت سئل النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن رجل قبل امرأته وهما صائمان قال قد أفطرا. رواه ابن ماجه، لكن قال ابن حزم أبو يزيد مجهول، وقال الدارقطنى ليس بمعروف، وقال الترمذى سألت البخارى عن الحديث فقال حديث منكر لا أحدث به، وأبو يزيد لا أعرف اسمه، وهو رجل مجهول وقال البيهقى والسهيلي والدارقطنى لا يثبت هذا الحديث اهـ إذا علمت هذا تعلم أنّ الحديث لا يصلح للاحتجاج به على مدعاهم (والراجح) القول الأول أخذا بظاهر حديث عائشة وغيره من الأحاديث الصريحة فى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يقبل وهو صائم. وقول عائشة "لكنه كان أملك لأربه" لا يدل على أنه كان خاصا به صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (ويدل) على أنّ القبلة لا تفطر أيضا ما روى مالك فى الموطأ عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أنّ رجلا قبل امرأته