للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين رجلًا منهم فأخطأه وأصاب نفسه, فقال رسول الله صلي الله عليه تعالى وعلى آله وسلم: أخوكم يا معشر المسلمين, فابتدره الناس فوجدوه قد مات فلفه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بثيابه ودمائه وصلى عليه ودفنه فقالوا يا رسول الله أشهيد هو؟ قال نعم وأنا له شهيد, أخرجه المصنف في "باب الرجل يموت بسلاحه" من "كتاب الجهاد" وسكت عليه هو والمنذري

وبما رواه النسائي عن شداد بن الهاد أن رجلًا من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فآمن به واتبعه وذكر الحديث, وفيه أنه استشهد فصلى عليه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فحفظ من دعائه: اللهم إن هذا عبدك خرج مهاجرًا في سبيلك فقتل في سبيلك. وحمله البيهقي على أنه لم يمت في المعركة على أن الحديث مرسل لأن شدادًا تابعي وعلى فرض اتصاله فيمكن حمل الصلاة فيه على الدعاء.

وبما أخرجه البخاري من حديث عقبة بن عامر وفيه أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خرج يومًا فصلى على أهل أحد صلاته على الميت. قال النووي إنه محمول على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم دعا لهم كدعائه للموتى لا سيما وأنه قد صرح في الحديث نفسه في رواية ذكرها البخاري في المغازي من طريق حيوة بن شريح أن صلاته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كانت بعد ثمان, وهذا التأويل لا بد منه وليس المراد صلاة الجنازة المعروفة بالإجماع لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فعله عند موته بعد دفنهم بثمان سنين, ولوكانت صلاة الجنازة المعروفة لما أخرها ثمان سنين. ودليل آخر وهو أنه لا يجوز أن يكون المراد صلاة الجنازة بالإجماع لأنه عندنا لا يصلي على الشهيد.

وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يصلى على القبر بعد ثلاثة أيام فوجب تأويل الحديث. ولأن أبا حنيفة لا يقبل خبر الواحد فيما تعم به البلوى وهذا منها قال الشافعي في الأم جاءت الأخبار كأنها عيان من وجوه متواترة أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يصل على قتلى أحد.

وما روي من أنه صلى عليهم وكبر على حمزة سبعين تكبيرة لا يصح قد كان ينبغي لمن عارض بذلك هذه الأحاديث الصحيحة أن يستحيي على نفسه. وأما حديث عقبة بن عامر فقد وقع في نفس الحديث أن ذلك كان بعد ثمان سنين والمخالف يقول لا يصلي على القبر إذا طالت المدة. وكأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم دعا لهم واستغفر لهم حين علم قرب أجله مودعًا لهم بذلك ولا يدل ذلك على نسخ الحكم الثابت اهـ

ويعنى بالحكم الثاب ترك الصلاة على الشهيد والأحاديث التي احتج بها القائلون بالصلاة علي شهداء أحد اتفق أهل الحديث على ضعفها كلها والضعف فيها بين. اهـ من شرح المهذب.

لكن قال الشوكاني في النيل أحاديث الصلاة قد شد من عضدها كونها مثبتة والإثبات مقدم على النفي وهذا مرجح معتبر ومن مرجحات الإثبات الخاصة بهذا المقام أنه لم يرو النفي إلا أنس

<<  <  ج: ص:  >  >>