الناس على ماء من مياههم واقتتل رجلان مهاجريّ وأنصاريّ فصاح المهاجري بالمهاجرين والأنصاري بالأنصار فأعان المهاجري رجل من فقراء المهاجرين ولطم الأنصاري، فقال عبد الله بن أبيّ ما صحبنا محمدًا إلا للطم وجوهنا، والله ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال القائل "سمن كلبك يأكلك" أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، ثم قال لقومه ماذا فعلتم بأنفسكم؟ قد أنزلتموهم بلادكم وقاسمتموهم في أموالكم أما والله لو أمسكتم عنهم فضل الطعام لتحولوا من عندكم فلا تنفقوا عليهم حتى ينفضوا من حول محمَّد، فسمع ذلك زيد بن أرقم فبلغه لرسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم.
[باب في عيادة الذمي]
أي في بيان حكم زيارة الذمي في مرضه. والذمي نسبة إلى الذمة بمعنى العهد، وسمى المعاهد ذميًا لدخوله في عهد المسلمين وأمانهم
(قوله أن غلامًا من اليهود كان مرض) قيل اسمه عبد القدوس وكان خادمًا للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ففي رواية البخاري: كان غلامًا يهودي يخدم النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يعوده (الحديث)
(قوله فنظر إلى أبيه) كأنه يستشيره فيما عرض عليه
(قوله فأسلم) أي نطق بالشهادتين. وفي رواية النسائي فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمَّد رسول الله
(فقه الحديث) دل الحديث على جواز عيادة أهل الذمة لأن فيه إظهار محاسن الإِسلام وتأليفهم ليرغبوا فيه. وعلى جواز استخدام المسلم الكافر. وعلى أن أهل الكتاب مكلفون بالشريعة المحمدية بدليل عرض الإِسلام على هذا الغلام وقول النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: الحمد لله الذي أنقذه بي من النار. وأطلق عليه غلام باعتبار ما كان. ويحتمل أنه كان دون البلوغ، فيكون في الحديث دلالة على جواز عرض الإِسلام على الصبي وصحته منه إذا كان مميزًا، وأن من مات من أولاد الكفار دون البلوغ مميزًا يكون في النار، وسيأتي تمام الكلام