للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قوله

(ص) إذا قلت أنصت الخ) بفتح الهمزة أمر من أنصت أي اسكت. وفي رواية البخاري إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب أنصت فقد لغوت. واللغو الكلام الذي لا فائدة فيه وقيل الإثم. وقيل الميل عن الصواب. وتقدم نحوه قى باب فضل الجمعة. والمراد أنه لا ثواب له في جمعته وإن سقط عنه الفرض (وفيه دلالة) على منع الكلام حال خطبة الجمعة مطلقًا لأنه إذا كان الأمر بالمعروف لغوًا فبالأولى غيره من الكلام (وإلى ذلك) ذهب مالك والأوزاعي وأبو يوسف ومحمد وأحمد وكثيرون. وللشافعية قولان (أصحهما) وهو المشهور في الجديد لا يحرم ويستحب الإنصات. وحملوا الحديث الباب ونحوه على الكمال (وقال أبو حنيفة) يحرم الكلام ويجب الإنصات إذا خرج الإِمام إلى أن يفرغ من الخطبة. والمراد بخروجه صعوده على المنبر كما قاله الزيلعي (وقال) في شرح المجمع المراد خروجه من الخطبة إن كانت وإلا فالمراد قيامه للصعود على المنبر. واستدل بقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا خرج الإِمام فلا صلاة ولا كلام (قال) الكمال ابن الهمام رفعه غريب والمعروف كونه من كلام الزهري رواه مالك في الموطأ قال خروجه يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام. وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عن علي وابن عباس وابن عمر رضي الله تعالى عنهم أنهم كانوا يكرهون الصلاة والسلام بعد خروج الإِمام قال وقول الصحابي حجة فيجب تقليده عندنا إذا لم ينفه شيء من السنة اهـ

وأيضًا فمثل هذا لا يقال من قبل الرأي فهو مرفوع حكمًا قال ابن عبد البر عند قول الزهري خروجه يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام هذا يدلّ على أن الأمر بالإنصات وقطع الصلاة ليس برأى وأنه سنة احتج بها ابن شهاب لأنه أخبر عن علم علمه لا عن رأى اجتهده بل هو سنة وعمل مستفيض في زمن عمر وغيره اهـ

(وقال) أبو يوسف ومحمد لا بأس بالكلام إذا خرج قبل أن يخطب وإذا نزل قبل أن يكبر (وهذا) كله في حق من سمع الخطبة كان في المسجد أم لا. أما من لم يسمعها بأن كان بعيدًا ففيه خلاف فقال الجمهور يجب الإنصات أيضًا ويحرم الكلام عليه كالسامع وقال أحمد والنخعي لا يحرم (وقالت المالكية) يحرم كلامه إن كان بالمسجد أو رحبته لا خارجهما سدًّا للذريعة لئلا يسترسل الناس حتى يتكلم من يسمع الإِمام (وهذا) كله في الكلام حال الخطبة أما قبل الشروع فيها وبعد صعود الخطيب على المنبر وبعد الفراغ منها فالأكثرون على الجواز (وقال) الشافعي لا بأس أن يتكلم والإمام على المنبر قبل كلام الإِمام فإذا ابتدأ في الكلام لم أحب أن يتكلم حتى يقطع الإِمام الخطبة الآخرة كان قطع الآخرة فلا بأس أن يتكلم حتى يكبر الإِمام وأحسن في الأدب أن لا يتكلم من حين يبتدئُ الإِمام الكلام حتى يفرغ من الصلاة وإن تكلم رجل والإمام يخطب لم أحب ذلك له اهـ ببعض تصرّف

(قال الحافظ) واستدلّ بالحديث من منع جميع أنواع الكلام حال الخطبة وبه قال

<<  <  ج: ص:  >  >>