(قوله نعى للناس النجاشي) أي أخبرهم بموته. ونعى من باب نفع، والنجاشي بفتح النون وتخفيف الجيم وياء ثقيلة كياء النسب. وقيل بتخفيف الياء لقب ملك الحبشة، واسمه أصحمة بن أبحر، ومعناه بالعربية عطية كان صالحًا ذكيا عادلًا عارفًا
(قوله في اليوم الذي مات فيه) قال ابن جرير وجماعة كان ذلك في رجب سنة تسع، وقيل كان قبل الفتح
(قوله وخرج بهم إلى المصلى) أي مصلى العيدين ببطحان "ولا ينافيه" ما رواه ابن ماجه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: إن النجاشي قد مات فخرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأصحابه إلى البقيع الحديث "لأنّ المراد" بالبقيع بقيع بطحان. ويحتمل أن المراد بالمصلى مصلى الجنائز ببقيع الغرقد.
(قوله فصف بهم وكبر أربع تكبيرات) يعني صلى بهم صلاة الجنازة على النجاشي
(وفي الحديث) دلالة على جواز الصلاة على الميت الغائب وبه قال الشافعي وأحمد وجمهور السلف قالوا سواء أصلي عليه في البلد التي مات فيها أم لا وسواء أكانت البلد التي مات فيها جهة القبلة أم لا. وقال ابن حزم قد صلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على النجاشي وقد مات بأرض الحبشة وصلى معه أصحابه عليه صفوفًا، وهذا إجماع منهم لا يجوز تعديه. وقال ابن حبّان يصلي على الميت الغائب إذا كانت البلد التي هو فيها جهة القبله وإلا فلا يصلى عليه.
وقال الخطابي: النجاشي رجل مسلم قد آمن برسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وصدقه على نبوته إلا أنه كان يكتم إيمانه، والمسلم إذا مات وجب على المسلمين أن يصلوا عليه إلا أنه كان بين ظهراني أهل الكفر ولم يكن بحضرته من يقوم بحقه في الصلاة عليه، فلزم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يفعل ذلك إذ هو نبيه ووليه وأحق الناس به، فهذا والله أعلم هو السبب الذي دعاه إلى الصلاة عليه بظهر الغيب. فِعلى هذا إذا مات المسلم ببلد من البلدان وقد قضى حقه من الصلاة عليه فإنه لا يصلي عليه من كان ببلد آخر غائبًا عنه، فإن علم أنه لم يصل عليه لعائق أو مانع أو عذر كانت السنة أن يصلي عليه ولا يترك ذلك لبعد المسافة فإذا صلوا عليه استقبلوا القبلة ولم يتوجهوا إلى بلد الميت إن كان في غير