للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت فى الحضر كما ذكره الخطيب فى المبهمات بسنده إلى أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يخطب يوم الجمعة فنظر إلى رجل من قريش يقال له أبو إسراءيل فقالوا نذر أن يصوم ويقوم فى الشمس ولا يتكلم ولا يجلس فقال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليقعد وليتكلم وليستظل وليفطر

(قوله ليس من البر الصيام فى السفر) قال ذلك صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لما رأى الرجل ساقطا مظللا عليه لضعفه من الصيام كما جاء ذلك مبينا فى رواية الطبرى عن كعب بن عاصم الأشعرى قال: سافرنا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ونحن فى حرّ شديد، فإذا رجل من القوم قد دخل تحت ظل شجرة وهو مضطجع كضجعة الْوَجِعِ، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: ما لصاحبكم أى وجع به؟ فقالوا ليس به وجع، ولكنه صائم وقد اشتد عليه الحر. فقال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليس من البر أن تصوموا فى السفر، عليكم برخصة الله التى رخص لكم (وتمسك بظاهر هذا الحديث) بعض الظاهرية والشيعة. وقالوا إذا لم يكن من البر فهو من الإثم، فدل على أن صوم رمضان لا يجزئ فى السفر. وحكى هذا عن أبى هريرة وعمر وابن عمر والزهرى. وروى عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: الصوم فى السفر كالفطر فى الحضر، واستدلوا أيضا بما رواه مسلم والطحاوى عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة فى رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب فقيل له بعد ذلك إن بعض الناس قد صام فقال أولئك العصاة أولئك العصاة. وبما رواه البخارى ومسلم عن أنس قال: كنا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فى سفر أكثرنا ظلا صاحب الكساء، فمنا من يتقى الشمس بيده فسقط الصوّام وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ذهب المفطرون اليوم بالأجر. واستدلوا بقوله تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} أي فعليه عدّة من أيام أخر وقال الجمهور إن تقدير الآية فأفطر {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وحكى الطبرى عن قوم أن الفطر لا يجوز للمسافر إلا إذا خاف على نفسه الهلاك أو المشقة الشديدة. وقال أحمد والأوزاعى وإسحاق يجوز الصوم. والفطر أفضل عملا بالرخصة. يعنون بها فطره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم السفر كما فى الأحاديث المذكورة (وذهب جمهور العلماء) ومنهم أبو حنيفة ومالك والشافعى إلى أن الصوم أفضل لمن قوى عليه وهو الراجح (وأجاب الخطابى) عن حديث الباب بأنه خرج على سبب فهو مقصور على من كان فى مثل حال من سبق له كأنه قال ليس من البر أن يصوم المسافر إذا كان الصوم يؤديه إلى مثل هذه الحال بدليل صيام النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فى سفره عام الفتح ولتخييره فى

<<  <  ج: ص:  >  >>