فيدخلوها فينطلقون حتى إذا دنوا منها وجدوا لها تغيظًا وزفيرًا فرجعوا إلى ربهم فيقولون ربنا أخرجنا أوأجرنا منها فيقول لهم ألم تزعموا أني إن أمرتكم بأمر تطيعوني فيأخذ علي ذلك مواثيقهم فيقول اعمدوا إليها فادخلوها فينطلقون حتى إذا رأوها فرقوا منها فرجعوا وقالوا ربنا فرقنا منها ولا نستطيع أن ندخلها فيقول ادخلوها داخرين فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لو دخلوها أول مرة كانت عليهم بردًا وسلامًا.
ثم قال البزار ومتن هذا الحديث غير معروف إلا من هذا الوجه لم يروه عن أيوب إلا عباد ولا عن عباد إلا ريحان بن سعيد قال ابن كثير وقد ذكره ابن حبّان في ثقاته وقال يحيى بن معين والنسائي لا بأس به ولم يرضه أبو داود وقال أبو حاتم شيخ لا بأس به يكتب حديثه ولا يحتج به وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين وأقره الذهبي.
ومنها ما أخرجه الإِمام محمد بن يحيى الذهلي قال حدثنا سعيد بن سليمان عن فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الهالك في الفترة والمعتوه والمولود يقول الهالك في الفترة لم يأتني كتاب ويقول المعتوه رب لم تجعل لي عقلًا أعقل به خيرًا ولا شرًا ويقول المولود رب لم أدرك العقل فترفع لهم نار فيقال لهم رِدُوها قال فيردها من كان في علم الله سعيدًا لو أدرك العمل ويمسك عنها من كان في علم الله شقيًا لو أدرك العمل فيقول إياي عصيتم فكيف لو أن رسلي أتتكم اهـ.
قال الحافظ ابن حجر الظن بآبائه صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كلهم الذين ماتوا في الفترة أن يطيعوا عند الامتحان لتقر بهم عينه صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم اهـ.
وقد ورد ما هو صريح في إيمان أبويه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم واعترافهما بدين إبراهيم وبعثة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهذا هو الإيمان بعينه. فقد روى أبو نعيم (في دلائل النبوة بسند ضعيف) من طريق الزهري عن أسماء بنت رهم عن أمها قالت شهدت آمنة أم النبي صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في علتها التي ماتت بها ومحمد عليه الصلاة والسلام غلام يفع (أي مرتفع) له خمس سنين عند رأسها فنظرت أمه إلى وجهه ثم قالت
بارك فيك الله من غلام ... يا بن الذي من حومة الحمام
نجا بعون الملك العلام ... فودي غداة الضرب بالسهام
بمائة من إبل سوام ... إن صح ما أبصرت في المنام
فأنت مبعوث إلى الأنام ... تبعث في الحل وفي الحرام
تبعث في التحقيق والإِسلام ... دين أبيك البر إبراهام
فالله أنهاك عن الأصنام ... ألَّا تواليها مع الأقوام
ثم قالت كل حي ميت وكل جديد بال وكل كبير يفنى. وأنا ميتة وذكري باق وقد تركت خيرًا