وثلث بنقصان يسير فرأيت أمرا قويا فتركت قول أبي حنيفة في الصاع وأخذت بقول أهل المدينة اهـ قال صاحب التنقيح هذا هو المشهور من قول أبي يوسف، واحتج أبو حنيفة ومن معه بما أخرجه ابن عدىّ في الكامل عن عمر بن موسى بن وجيه الوجيهى عن عمرو بن دينار عن جابر قال كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتوضأ بالمدّ رطلين ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال وعمر بن موسى ضعيف. وبما أخرجه الدارقطني عن جعفر بن عون ثنا ابن أبي ليلى ذكره عن عبد الكريم عن أنس قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتوضأ بمدّ رطلين ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال، وأخرجه الدارقطني من طريقين آخرين، من طريق موسى بن نصر الحنفي ومن طريق صالح بن موسى وهما ضعيفان، والبيهقي، ضعف أسانيد الثلاثة وروى ابن أبي شيبة في مصنفه في كتاب الزكاة حدثنا يحيى بن آدم قال سمعت حسن بن صالح يقول صاع عمر ثمانية أرطال وقال شريك أكثرمن سبعة أرطال وأقلّ من ثمانية، وأخرج الطحاوى عن إبراهيم النخعى قال عبرنا صاعا فوجدناه حجاجيا والحجاجي عندهم ثمانية أرطال بالبغدادى قال وصنع الحجاج هذه على صاع عمر، وأخرج النسائي قال حدثنا محمد بن عبيد ثنا يحيى بن زكريا عن موسى الجهني قال أتى مجاهد بقدح حزرته ثمانية أرطال فقال حدثتني عائشة أن رسول الله صلى في الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يغتسل بمثل هذا وهذا سند جيد (أقول) الخلاف بين الأئمة في ذلك لفظىّ، فمن قال إن الصاع ثمانية أرطال اعتبره من الماء كما تدلّ عليه الأحاديث السابقة. ومن قال إنه خمسة أرطال وثلث اعتبره من التمر أو الشعير فلا خلاف في مقدار المدّ والصاع، والاشتباه إنما جاء من عدم التقييد باختلاف المكيل بهما رزانة وخفة فإن الماء أثقل من العدس وهو أثقل من الحلبة والفول وهما أثقل من البرّ والحمص وهما أثقل من الذرة وهي أثقل من التمر والشعير فإن المدّ منهما يزن ثلاثة وسبعين ومائة درهم وثلثا ومن الذرة الصيفي خمسة وتسعين ومائة درهم وثلثا ومن الذرة الشامى اثنين ومائتي درهم وثلثا ومن البرّ والحمص ستة عشر ومائتي درهم ومن الفول والحلبة أربعة وعشرين ومائتى درهم ومن العدس سبعة وعشرين ومائتى درهم ومن الماء العذب الصافي أو المعين ستين ومائتي درهم، وعليه فالصاع من التمر والشعير يزن ثلاثة وتسعين وستمائة درهم وثلثا وهي خمسة أرطال وثلث بالعراقى، والصاع من الماء المذكور يزن أربعين وألف درهم وهي ثمانية أرطال بالعراقى.
(فقه الحديث) والحديث يدلّ على مقدار الماء الذى كان يغتسل أو يتوضأ به رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو الصاع في الغسل والمدّ في الوضوء، فيطلبه من الأمة أن تقتدى به صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في ذلك، ولتحذر من الإسراف في الماء كما يقع