الواقعة ففى المرّة الأولى أمر بسدّ الأبواب كلها حتى باب أبى بكر واستثنى باب على لأنه لم يكن له باب غيره، ولما رواه البزار عن عليّ قال أخذ رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بيدى فقال إن موسى سأل ربه أن يطهر مسجده بهارون وإني سألت ربى أن يطهر مسجدى بك وبذريتك ثم أرسل إلى أبى بكر أن سدّ بابك فاسترجع ثم قال سمع وطاعة فسدّ بابه ثم أرسل إلى عمر ثم أرسل إلى العباس بمثل ذلك ثم قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما أنا سددت أبوابكم وفتحت باب عليّ ولكن الله فتح باب عليّ وسدّ أبوابكم. وفي المرة الأخرى استثنى باب أبى بكر والمراد به الخوخة، وكأنهم لما أمروا بسدّ الأبواب أوّلا فتحوا خوخا يستقربون الدخول إلى المسجد منها فأمروا بسدّها إلا خوخة أبي بكر ويؤيد ذلك ما رواه مسلم من طريق مالك بن أنس أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لا يبقينّ في المسجد خوخة إلا خوخة أبى بكر، وبهذا جمع الطحاوى في مشكل الآثار والكلاباذى في معاني الأخبار بين القصتين وصرّح الكلاباذى بأن بيت أبى بكر كان له باب من خارج المسجد وخوخة إلى داخله وبيت علىّ لم يكن له باب إلا من داخل المسجد، والخوخة طاقة في الجدار تفتح لأجل الضوء
(قوله رجاء أن تنزل فيهم رخصة) وفي بعض النسخ أن ينزل فيهم. وفى بعضها أن ينزل لهم أى تأخروا عن سدّ الأبواب المفتوحة نحو المسجد رغبة في أن ينزل الله تعالى على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تسهيلا لهم بعدم سدّها فرجاء منصوب على أنه مفعول له وأن مصدرية مصدرها مجرور بالإضافة ورخصة نائب فاعل تنزل
(قوله فخرج إليهم الخ) أى خرج النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى القوم بعد زمن وأعاد لهم القول ثانيا فبعد مبنية على الضم لحذف المضاف إليه ونية معناه
(قوله فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب) تعليل للأمر بتوجيه بيوتهم إلى جانب آخر وأحلّ من الإحلال ضدّ التحريم وأسند الإحلال إليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لأنه المبلغ له لأن التحليل والتحريم من الله تعالى، وأل في المسجد للعهد، والمعهود مسجده صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وحكم غيره من المساجد كحكمه ويحتمل أن تكون للجنس فيدخل في هذا الحكم جميع المساجد وهذا أولى، وقدّم الحائض للاهتمام في المنع والحرمة لأن حدثها أغلظ لأنها لا تخلو من النجاسات غالبا والنفساء مثل الحائض (والحديث) يدل بظاهره على أنه يحرم على الحائض والجنب دخول المسجد مطلقا لا فرق بين المرور والمكث لكنه مخصوص بما دلّ على جواز مرور الجنب مطلقا. فقد روى سعيد في سننه وابن أبي شيبة عن جابر قال كان أحدنا يمرّ في المسجد جنبا مجتازا. وروى ابن المنذر عن زيد بن أسلم قال كان أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يمشون في المسجد وهم جنب اهـ أى وكان ذلك في عهده صلى الله تعالى