والطحاوى والنسائى في كتاب الكنى. وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما أنه أتى الجنازة وهو على غير وضوء فتيمم وصلى عليها رواه البيهقى في المعرفة. والحديث لا يضرّه الوقف لكثرة طرقه (وفى البدائع) ولنا ما روى عن ابن عمر أنه قال إذا فجأتك جنازة تخشى فواتها وأنت على غير وضوء فتيمم لها. وعن ابن عباس مثله ولأن التيمم شرع في الأصل لخوف فوات الأداء وقد وجد هنا بل أولى لأن هناك تفوت فضيلة الأداء فقط فأما الاستدراك بالقضاء فممكن وهنا تفوت صلاة الجنازة أصلا فكان أولى بالجواز حتى لو كان ولىّ للميت لا يباح له التيمم كذا روى الحسن عن أبى حنيفة لأن له ولاية الإعادة ولا يخاف الفوت (وحاصل) الكلام فيه راجع إلى أن صلاة الجنازة لا تقضى عندنا وعنده تقضى بخلاف الجمعة لأنها تفوت إلى خلف اهـ
(قوله فإن ذلك خير) أى الإمساس بركة وأجر وليس معناه أن الوضوء والتيمم كلاهما جائز عند وجود الماء لكن الوضوء خير بل الوضوء حينئذ فرض للأمر بالإمساس وهو للوجوب والخيرية لا تنافى الفرضية
(قوله وقال مسدد غنيمة من الصدقة) أشار بهذا إلى أن في رواية مسدد زيادة قوله من الصدقة
(قوله وحديث عمر وأتمّ) أى حديث عمرو بن عون شيخ المصنف أتمّ من حديث مسدد وأكمل منه. وقد رواه أحمد أيضا بلفظ أتمّ من طريق سعيد عن أيوب عن أبى قلابة وفيه عن أبى ذرّ قال كنت بالمدينة فاجتويتها فأمر لى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بغنيمة فخرجت فيها فأصابتنى جنابة فتيممت بالصعيد فصليت أياما فوقع في نفسي من ذلك حتى ظننت أني هالك فأمرت بناقة لى أو قعود فشدّ عليها ثم ركبت فأقبلت حتى قدمت المدينة فوجدت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في ظل المسجد في نفر من أصحابه فسلمت عليه فرفع رأسه وقال سبحان الله أبو ذرّ فقلت نعم يا رسول الله إنى أصابتنى جنابة فتيممت أياما فوقع في نفسي من ذلك حتى ظننت أنى هالك فدعا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لى بماء فجائت به أمة سوداء في عسّ يتخضخض فاستترت بالراحلة وأمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رجلا فسترنى فاغتسلت ثم قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يا أبا ذرّ إن الصعيد الطيب طهور ما لم تجد الماء ولو في عشر حجج فإذا قدرت على الماء فأمسه بشرتك
(فقه الحديث) والحديث يدلّ على طلب تنمية المال وحفظه، وعلى مشروعية تأديب الرئيس المرءوس بما يليق به، وعلى أنه يطلب من الرئيس أن يعمل ما فيه المصلحة للرعية، وعلى مشروعية خدمة الصغير الكبير، وعلى مشروعية ستر العورات، وعلى مشروعية التيمم بالصعيد عند عدم الماء، ويدلّ بظاهره على أن المتيمم يجمع بتيممه بين صلوات كثيرة وهو مذهب أبى حنيفة وغيره كما تقدم، وعلى انتقاض طهارة المتيمم بوجود الماء على سائر الأحوال