للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن حزم النقل عن الليث بن سعد وأبى ثور وداود الظاهرى أن صيام الولى عن الميت واجب وقالوا: إن قوله صام عنه فى الحديث خبر بمعنى الأمر، وهو محمول على الوجوب. وقال البيهقى هذه المسألة ثابتة لا أعلم خلافا بين أهل الحديث فى صحتها فوجب العمل بها اهـ (وقال أبو حنيفة) ومالك والليث والأوزاعى والثورى والشافعى فى الجديد وزيد بن على: لا يصام عن الميت مطلقا ويطعم عنه وليه إن أوصى به عند أبى حنيفة وأصحابه لكل يوم قدر على قضائه ولم يقضه نصف صاع من بر أو دقيقه أو سويقه أو صاعا من تمر أو شعير أو زبيب أو قيمة ذلك. وعند مالك يطعم مدا من طعام عن كل يوم. واستدلوا بما رواه النسائى فى الكبرى عن ابن عباس قال: لا يصلى أحد عن أحد ولا يصوم احد عن أحد. وبحديث ابن عمر أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه مكان كل يوم مسكينا رواه ابن ماجه والترمذى وصحح وقفه على ابن عمر. وبما رواه مالك أنه بلغه عن عبد الله بن عمر كان يسأل هل يصوم أحد عن أحد؟ أو يصلى أحد عن أحد؟ فقال لا يصوم أحد عن احد ولا يصلى أحد عن أحد. وبما رواه عبد الرزاق والبيهقى عن عائشة: لا تصوموا عن موتاكم واطعموا عنهم. وعن عمرة بنت عبد الرحمن قلت لعائشة إن أمى توفيت وعليها صيام رمضان أيصلح أن أقضى عنها؟ فقالت لا ولكن تصدقى عنها مكان كل يوم على مسكين خير من صيامك. رواه الطحاوى بسند صحيح. قالوا فلما أفتى ابن عباس وعائشة بخلاف ما روياه، دل ذلك على أن العمل على خلاف ما روياه, لأن العبرة بما رأى الصحابي لا بما روى, لأنّ فتوى الراوى على خلاف مرويه بمنزلة روايته للناسخ ويبعد عن مقام الصحابى أن يرجع عما رواه ويفتى بضده إلا لاطلاعه على ناسخ نسخ ما رواه، ومنه حديث ابن عباس أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لا يصلى أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مدا من حنطة. رواه النسائى بسند صحيح على شرط الشيخين إلا محمد بن عبد الأعلى فإنه على شرط مسلم. ويؤيد النسخ قول مالك: لم أسمع عن أحد من الصحابة ولا عن التابعين بالمدينة أن أمر أحدا بالصوم عن أحد. ولا يصلى أحد عن أحد اهـ. فعلم بذلك أن الأمر الذى استقر عليه الشرع آخرا. وأيضا قد أجمعوا على أنه لا يصلى أحد عن أحد فكذلك الصوم لأن كلا منهما عبادة بدنية (وقال أحمد) وإسحاق وأبو عبيد: يصوم عنه وليه ما عليه من نذر ويطعم عنه عن كل يوم من رمضان مدا. والفرق بين النذر وغيره أن النيابة تدخل العبادة بحسب خفتها. والنذر أخف حكما لكونه لم يجب بأصل الشرع, وإنما أوجبه الناذر على نفسه. واستدلوا بحديث زيد بن أبى أنيسة عن الحكم عن سعيد عن ابن عباس قالت امرأة للنبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: إن أمى ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها؟ قال أرأيت لو كان على أمّك دين فقضيته أكان

<<  <  ج: ص:  >  >>