للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتخذين من السبت، وويحك كلمة ترحم وإشفاق عكس ويلك، وإنما أمره النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالخلع احترامًا للمقابر. ولذا قال الإِمام أحمد وصاحب الحاوي من الشافعية يكره المشي في المقابر بالنعل مطلقًا ويسن خلعه إذا دخلها إلا لضرورة كخوف نجاسة أو شوك أو حرارة أرض: وقال الجمهور لا يكره لحديث أنس الآتي

"وأجابوا" عن حديث الباب بأنه إنما أمره بالخلع لاحتمال أنه كان بهما قذر أو لاختياله بهما لأن النعال السبتية إنما يلبسها أهل الترفه والتنعم فأحب صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يكون دخول المقابر على زي التواضع.

وقال ابن حزم لا يحل لأحد أن يمشي بين القبور بنعلين سبتيتين وساق حديث الباب عن بشير بن الخصاصية قال: بينا أنا أمشي بين المقابر وعليّ نعلان إذ ناداني رسول الله صلى الله تعالى عيه وعلى آله وسلم يا صاحب السبتيتين يا صاحب السبتيتين إذا كنت في مثل هذا المكان فاخلع نعليك قال فخلعتهما

"قال فإن قيل" هلا منعتم من كل نعل؟ لعموم قوله عليه السلام فاخلع نعليك "قلنا" منع من ذلك وجهان

أحدهما أنه عليه السلام إنما دعا صاحب السبتيتين بنص كلامه ثم أمره بخلع نعليه.

والثاني ما حدثناه عبد الله بن ربيع ثنا محمَّد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب ثنا إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني ثنا يونس بن محمَّد ثنا شيبان عن قتادة ثنا أنس بن مالك قال قال نبى الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم. وذكر الحديث" قال فهذا إخبار منه عليه السلام بما يكون بعده وأن الناس من المسلمين سيلبسون النع الذي مدافن الموتى إلى يوم القيامة ولم ينه عنه. والأخبار لا تنسخ أصلًا فصح إباحة لباس النعال في المقابر ووجب استثناء السبتية منها لنصه عليه السلام عليها اهـ.

وما ذكره هو الأولى لما فيه من الجمع بين الحديثين ولا وجه لمن غلطه بقوله إن سماع الميت لخفق النعال لا يستلزم أن يكون المشي على قبر أو بين القبور لأن الغالب فيمن دفن الميت أن يمشي بين القبور والأحكام إنما ينظر فيها إلى الغالب وهو ظاهر حديث خفق النعال ولو كان لبسها في المقبرة منهيًا عنه مطلقًا لانتشر بين الصحابة وما خفي على أحد منهم فإنه مما تعم به البلوى وعليه فالراجح من جهة الدليل ما ذهب إليه الجمهور وما قيل من أن النهي عن النعال السبتية لما فيها من الخيلاء مردود بأن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يلبسها وكذلك ابن عمر كما ذكره الحافظ في الفتح.

(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد والنسائي وابن ماجه والحاكم وصححه ورجال إسناده ثقات وهذا أخرجه البيهقي من طريق أبي عاصم قال ثنا الأسود بن شيبان حدثني خالد بن شمير حدثني بشير بن نهيك حدثني بشير مولى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وكان اسمه في الجاهلية زحم بن معبد فقال له رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما اسمك قال زحم ابن معبد قال أنت بشير مكان اسمه قال بينا أنا أماشي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله

<<  <  ج: ص:  >  >>