للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفضل لقوله تعالى {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}

(قوله بالعرج) بفتح العين المهملة وسكون الراء قرية كبيرة على نحو ثلاث مراحل من المدينة

(قوله يصب على رأسه الماء وهو صائم الخ) فيه دليل على أنه يجوز للصائم أن يدفع عن نفسه الحرّ أو العطش بصب الماء على رأسه ومثله صبه على بدنه كله، وهو قول الجمهور ومنهم أبو يوسف من الحنفية. قال فى الدر المختار: لا تكره حجامة وتلفف بثوب مبتل ومضمضة واستنشاق أو اغتسال للتبرّد عند الثانى وبه يفتى اهـ (وقال أبو حنيفة) يكره له ذلك تنزيها، لما فيه من إظهار الضجر من العبادة، ولنهيه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن دخول الصائم الحمام. وحمل فعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هذا على بيان الجواز رحمة بضعفاء الأمّة (ويجاب) بأنّ قوله لما فيه من إظهار الضجر تعليل فى مقابلة النص فلا يعوّل عليه. وبأنّ حديث نهيه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن دخول الصائم الحمام "فى إسناده ضعف" كما قال الحافظ. وعلى فرض صحته فهو خارج عن محل النزاع, لأنّ سياق حديث الباب فى صب الماء لدفع الحر أو العطش ودخول الحمام يثير ذلك (والحديث) أخرجه أيضا مالك فى الموطأ والشافعى فى مسنده وأحمد والنسائى والحاكم والبيهقى وصححه ابن عبد البر.

(ص) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ نَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ عَنْ أَبِيهِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بَالِغْ فِى الاِسْتِنْشَاقِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِمًا.

(ش) هذا جزء حديث مطول تقدم للمصنف فى "باب الاستنثار" من الجزء الثانى. وهو مناسب للجزء الثانى من الترجمة "وفيه دليل" على استحباب المبالغة فى الاستنشاق إلا للصائم فإنه يكره له المبالغة فيه احتياطا للعبادة فإنه يخشى وصول شئ من الماء إلى الحلق. فلو بالغ ووصل إلى جوفه شئ من الماء خطأ, فقال أبو حنيفة ومالك والمزنى والشافعى فى أحد قوليه يفسد صومه وعليه القضاء. وقال أحمد والأوزاعى وإسحاق والناصر وأصحاب الشافعى لا يفسد صومه كالناسى وقال الحسن البصرى وإبراهيم النخعى يفسد الصوم إن لم يكن الاستنشاق فريضة. وقال زيد ابن علىّ يفسد بعد الثلاث أما فيها فلا. وقال الخطابى فيه من الفقه أن وصول الماء إلى موضع الدماغ يفطر الصائم إذا كان بفعله, وعلى قياس ذلك كل ما وصل إلى جوفه بفعله من حقنة وغيرها سواء كان ذلك فى موضع الطعام والغذاء أو فى غيره من حشو جوفه اهـ. وقوله إلى موضع الدماغ أى داخله (والحديث) أخرجه أيضا النسائى وابن ماجه فى الوضوء بلفظ "أسبغ الوضوء وبالغ فى الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا" وأخرجه الترمذى فى الصيام بلفظ "أسبغ الوضوء وخلل بين

<<  <  ج: ص:  >  >>