(ش) أراد المصنف بهذا بيان أن الأحاديث الصحيحة الواردة عن سيدنا عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ تدلّ على أن الوارد في مسح الرأس مرة واحدة بلا تثليث. وذلك أن رواة حديث وضوء عثمان ذكروا صفة وضوئه وبينوا أنه ثلث الغسل في كل عضو مغسول وأنه مسح الرأس ولم يذكروا عنه فيه عددا. وهذا يدلّ على أن المصنف يرى أن حديث عبد الرحمن بن وردان السابق الذى فيه ومسح رأسه ثلاثا ضعيف لما تقدّم من أن عبد الرحمن بن وردان فيه مقال. وكذا ما سيأتى للمصنف عن عامر بن شقيق وفيه ومسح رأسه ثلاثا ضعيف أيضا فإن عامر بن شقيق متكلم فيه كما سياتى "وبهذا" تعلم سقوط ما اعترض به على المصنف من أنه كيف يدّعى أن أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على أن مسح الرأس مرة واحدة مع أنه روى التثليث عن عثمان من طريقين صحيحين طريق عبد الرحمن بن وردان وطريق عامر بن شقيق. ولا حاجة لما أجاب به الحافظ في الفتح بأنه يحمل قول أبى داود على إرادة استثناء الطريقين اللذين ذكرهما فكأنه قال كلها تدلّ على أن مسح الرأس مرة واحدة إلا هذين الطريقين فإنه لا يتمشى إلا على صحة هذين الطريقين وقد علمت ضعفهما
(قوله لم يذكروا عددا الخ) أى لم يذكر رواة أحاديث عثمان عددا في مسح الرأس كما ذكروا عدد الغسل في باقى الأعضاء فدلّ ذلك على أن مسح الرأس كان مرة واحدة لأنه لو ثبت فيه التثليث لفعله عثمان ولحكى عنه، وقد ورد التصريح بأن مسح الرأس مرة واحدة في عدّة أحاديث صحيحة تقدم بعضها وسيأتى البعض ومنها ما أخرجه الدارقطنى بسنده إلى عمر بن عبد الرحمن بن سعيد المخزومى حدّثنى جدّى عن عثمان بن عفان أنه خرج في نفر من أصحابه حتى جلس على المقاعد فدعا بوضوء فغسل يديه ثلاثا وتمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا وذراعيه ثلاثا ومسح برأسه مرة واحدة وغسل رجليه ثلاثا ثم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم توضأ.