للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليوم أول الشهر ولا يباح فطره إن كان فى آخره، وبهذا قال جمهور العلماء, لما روى عن أبى وائل قال: جاءنا كتاب عمر ونحن بخانقين أن الأهلة بعضها أكبر من بعض، فإذا رأيتم الهلال نهارا فلا تفطروا حتى تمسوا إلا أن يشهد رجلان مسلمان أنهما أهلاه بالأمس عشية. أخرجه الدارقطني بسند رجاله ثقات. وخانقين بخاء معجمة ونون وقاف مكسورتين بلد بالعراق قريب من بغداد. وقوله أهلاه يعني رأياه. وقال أبو يوسف إذا رؤى الهلال قبل زوال يوم الثلاثين لزم صومه إن كان فى أول الشهر وفطره إن كان فى آخره

(قوله فإن غم عليكم فاقدروا له) وفى نسخة فإذا غم، أى إذا حال بينكم وبين رؤية الهلال ساتر من غيام أو غبار "فاقدروا له" بضم الدال وكسرها يقال قدرت الشئ إذا قدرته تقديرًا أى قدروا له عدد الشهر وأكملوا عدته ثلاثين يوما, لما أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين، ولحديث أبى هريرة أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم الشهر فعدوا ثلاثين. وعن ابن عباس أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوما، رواهما الدارمى. ولما يأتي فى "باب إذا أغمى الشهر" وباب "من قال إذا أغمى عليكم فصوموا ثلاثين" وإلى هذا التفسير ذهب جمهور الفقهاء. منهم أبو حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي والأوزاعى والثورى وعامة أهل الحديث إلا أحمد فقال: معنى اقدروا له ضيقوا له وقدروا أن الهلال تحت السحاب، واحتج بأنه موافق لرأى الصحابي راوى الحديث فقد قال نافع: فكان ابن عمر إذا مضى من شعبان تسع وعشرون يبعث من ينظر, فإن رؤى فذاك وإن لم ير ولم يحل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطرا, وإن حال أصبح صائما. رواه أحمد وذكر المصنف نحوه. ورد بأن العبرة برواية الراوى لا برأيه, فقد روى عبد الرزاق من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال فى هلال رمضان: إذا رأيتموه فصوموا, ثم إذا رأيتموه فأفطروا. فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين يوما اهـ وخير ما فسرت بالوارد. قال الخطابى، وقوله فاقدروا له معناه التقدير له بإكمال العدد ثلاثين وكان بعض أهل العلم يتأوله على التقدير له بحساب سير القمر فى المنازل والقول الأول أشبه ألا تراه يقول فى رواية أخرى: فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما. وفى رواية فإن غم عليكم فعدوا له ثلاثين يوما. وعلى هذا قول عامة أهل العلم. ويؤكد ذلك نهيه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن صوم يوم الشك. وكان أحمد يقول إذا لم ير الهلال لتسع وعشرين من شعبان لعلة فى السماء صام الناس. وإن كان صحوا لم يصوموا اتباعا لمذهب ابن عمر اهـ "وما نقل" عن

<<  <  ج: ص:  >  >>