للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} الخ "نزلت" سنة ست من الهجرة. وهذه الآية دالة على وجوب الحج ونزل بعدها قوله تعالى {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} وقد أجمع المسلمون على أنّ الحديبية كانت سنة ست من الهجرة فى ذى القعدة، وثبت بالأحاديث الصحيحة واتفاق العلماء أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم غزا حنينا بعد فتح مكة وقسم غنائمها واعتمر من سنته فى ذى القعدة وكان إحرامه بالعمرة من الجعرانة، ولم يكن بقى بينه وبين الحج إلا أياما يسيرة، فلو كان على الفور لم يرجع من مكة حتى يحج مع أنه هو وأصحابه كانوا حينئذ موسرين فقد غنموا الغنائم الكثيرة ولا عذر لهم ولا قتال ولا شغل آخر. وإنما أخره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن سنة ثمان بيانا لجواز التأخير وليتكامل الإسلام والمسلمون فيحج بهم حجة الوداع ويحضرها الخلق فيبلغوا عنه المناسك، ولهذا قال حجة الوداع "ليبلغ الشاهد منكم الغائب ولتأخذوا عنى مناسككم". واحتجوا أيضا بما رواه عن أنس قال: نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن شيء، فكان يعجبنا أن يجئ الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع، فجاء رجل من أهل البادية فقال يا محمد أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أنّ الله أرسلك. قال صدق. قال فمن خلق السماء؟ قال الله. قال فمن خلق الأرض؟ قال الله. قال فمن نصب هذه الجبال وجعل فيها ما جعل؟ قال الله. قال فبالذى خلق الأرض ونصب هذه الجبال آلله أرسلك؟ قال نعم. قال وزعم رسولك أنّ علينا خمس صلوات فى يومنا وليلتنا. قال صدق. قال فبالذى أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال نعم. قال وزعم رسولك أنّ علينا زكاة فى أموالنا قال صدق. قال فبالذى أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال نعم. قال وزعم رسولك أنّ علينا صوم شهر رمضان فى سنتنا. قال صدق. قال فبالذى أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال نعم. قال وزعم رسولك أنّ علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلا. قال صدق اهـ (قال النووى) وفى رواية البخارى أنّ هذا الرجل هو ضمام بن ثعلبة وقدومه على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان سنة خمس من الهجرة. قاله محمد بن حبيب وآخرون. وقال غيره سنة سبع، وقال أبو عبيد سنة تسع اهـ وقالوا إنه إذا تمكن من الحج وأخره ثم فعله لا ترد شهادته بالاتفاق. ولو حرم التأخير لردت شهادته (قال النووى) المختار أنّ الأمر المجرد عن القرائن لا يقتضى الفور، وإنما المقصود منه الامتثال المجرد (وأجابوا) عن حديث الباب بأنه ضعيف، لأن في سنده مهران وفيه مقال. وعلى فرض صحته فالأمر فيه للندب جمعا بين الأدلة. وكذا القول فى حديث تعجلوا الحج، فإن أحدكم لا يدرى ما يعرض له" (وقال النووى) فى شرح المهذب. إن الحديث لنا لأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم فوض الحج إلى إرادة الشخص واختياره، ولو كان على الفور لم يفوض تعجيله إلى اختياره اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>