للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين الرخصة في تيمم الجنب لفقد الماء والتيمم لبرد الماء اشتراكهما في عدم القدرة على استعمال الماء لأن عدمها إما بفقد الماء حقيقة أو حكما لتعذر استعماله (قال الخطابي) في جواب عبد الله دليل على أنه كان يرى أن المراد بالملامسة في قوله تعالى "أو لامستم النساء" الجماع وإلا لقال لأبي موسى المراد من الملامسة التقاء البشرتين بغير الجماع. وجعل التيمم بدلا عن الوضوء لا يستلزم جعله بدلا من الغسل اهـ وردّ بأن عبد الله لم يرد ذلك وإلا كان مخالفا للآية مخالفة صريحة وهي لا تصدر من مثله فقها وعلما وفهما وإنما تأول الملامسة في الآية على معنى غير الجماع

(قوله وإنما كرهتم هذا لهذا) أى كرهتم أن تقولوا بتيمم الجنب الفاقد للماء لأجل دفع تيمم الجنب الذى يخاف برد الماء

(قوله فقال له أبو موسى ألم تسمع الخ) هكذا في رواية البخارى من طريق أبي معاوية بذكر أبى موسى قصة عمار بعد احتجاجه بالآية. ورواه من طريق حفص وفيه أن احتجاجه بالآية متأخر عن احتجاجه بحديث عمار ولفظه فقال أبو موسى فكيف تصنع بقول عمار حين قال له النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يكفيك الخ قال ألم تر عمر لم يقنع بذلك فقال أبو موسى فدعنا من قول عمار كيف تصنع بهذه الآية فما درى عبد الله ما يقول فقال إنا لو رخصنا لهم الخ ورواية حفص أرجح لأن فيها زيادة تدلّ على ضبط ذلك وهو قوله فدعنا من قول عمار كيف تصنع بهذه الآية وعلى هذا يحتمل أن عبد الله بن مسعود قبل هذا الاستدلال لكنه اكتفى ببيان مذهبه (وحاصله) أنه لا يقول بعدم جواز التيمم للجنب مطلقا بل هو مسلم عنده أيضا وهذا الذى قلته من عدم الجواز كان دفعا للمفسدة لئلا يتسارع الناس في ذلك إذا برد عليهم الماء أو عرض لهم عذر يسير فلو رخص لهم في ذلك لاستبقوا إلى التيمم فلأجل ذلك قال هذا القول احتياطا وسدًّا للباب

(قوله فتمرّغت في الصعيد) أى تقلبت في التراب ظنا بأن التيمم للجنابة يلزم فيه تعميم البدن بالتراب كما يلزم تعميمه في الغسل بالماء

(قوله فنفضها) أى نفضا خفيفا تخفيفا للغبار فلا دليل فيه لمن قال يجوز التميمم بما لا غبار عليه

(قوله ثم مسح وجهه) فيه دلالة على أن الترتيب غير شرط في التيمم وهو قول أبي حنيفة وأصحابه ومالك وكذا أحمد في التيمم من الحدث الأكبر دون الحدث الأصغر فإنه شرط فيه عنده خلافا للشافعى. واستشكل الكرماني هذه الكيفية المذكورة في حديث الباب من أربعة أوجه (الأول) الاكتفاء بالضربة الواحدة وقد ثبت في الطرق الأخرى ضربتان. لكن لا إشكال لأنه يحمل ما هنا على ما يكفى في الواجب وما ورد من الزيادة على الكمال (الثاني) أن الكف إذا استعمل ترابه في اليد كيف يمسح به الوجه وقد صار مستعملا. ويجاب عنه بأن التراب لا يأخذ حكم الاستعمال بخلاف الماء (الثالث) أنه لم يمسح الذراعين. ولا إشكال في ذلك فقد قالوا مسح الكفين أصح في الرواية ومسح الذراعين أشبه بالأصول (الرابع) عدم مراعاة الترتيب بتقديم اليدين على الوجه. ولا إشكال فيه أيضا

<<  <  ج: ص:  >  >>