للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من جهة القبلة كما ذكره الشافعي في الأم وأطنب في التشنيع على من يقول ذلك. ومن أدلتهم أيضًا ما رواه الترمذي من طريق الحجاج بن أرطأة عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم دخل قبرًا ليلًا فأسرج له بسراج فأخذه من قبل القبلة وقال رحمك الله إن كنت لأواها تلاء للقرآن وكبر عليه أربعًا. قال أبو عيسى حديث ابن عباس حديث حسن.

لكن قال النووي في شرح المهذب لا يقبل قول الترمذي إنه حسن لأنه رواه هو وغيره من رواية الحجاج بن أرطأة وهو ضعيف باتفاق المحدثين اهـ.

ولعل وجه تحسين الترمذي له أنه ورد معناه من عدة طرق فارتفع إلى درجة الحسن. والخلاف إنما هو في الأفضل وإلا فالكل جائز. والراجح الأول لقوة أدلته والعمل اليوم عليه أيسر. قال ابن حزم يدخل الميت القبر كيف أمكن إما من جهة القبلة أو من مقابلها أو من قبل رأسه أو قبل رجليه إذ لا نص في شيء من ذلك اهـ.

(فائدة) اختلف العلماء في نشر نحو ثوب على فم القبر عند إدخال الميت فيه. فذهبت الشافعية إلى استحبابه في الرجل والمرأة لما رواه البيهقي من حديث ابن عباس قال جلل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قبر سعد بثوبه. قال البيهقي لا أحفظه إلا من حديث يحيى بن عقبة بن أبي العيزار وهو ضعيف اهـ

ولما رواه عبد الرازق عن الشعبي عن رجل أن سعد بن مالك قال أمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فستر على القبر حتى دفن سعد بن معاذ فيه فكنت ممن أمسك الثوب وفيه مبهم. قالوا إذا كان هذا في الرجل فالمرأة أولى.

وذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد إلى أن ذلك في حق المرأة دون الرجل. لما رواه ابن أبي شيبة من طريق الثوري عن أبي إسحاق السبيعي قال شهدت جنازة الحارث فمدوا على قبره ثوبًا فجذبه عبد الله بن يزيد وقال إنما هو رجل.

وروى الطبراني عن أبي إسحاق أيضًا أن عبد الله بن يزيد صلى على الحارث الأعور وفيه ثم لم يدعهم يمدون ثوبًا على القبر وقال هكذا السنة. وروى نحوه سعيد بن منصور في سننه وزاد فيه أنشطوا الثوب فإنما يصنع هذا بالنساء.

وهذا هو الأولى. وما استدل به الشافعية ضعيف كما علمت. وعلى فرض صحته فيحتمل أنه مخصوص بسعد لأنه كان مجروحًا وكان جرحه قد تغير فستره رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لمنع الرائحة عن الحاضرين

(والحديث) أخرجه أيضًا البيهقي وسعيد بن منصور في سننه وقال البيهقي إسناده صحيح

(باب كيف يجلس عند القبر)

وفي بعض النسخ باب الجلوس عند القبر

(ص) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>