للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وفي رواية مسلم ألا أدلك على أعلم أهل الأرض بوتر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، قال من؟ قال عائشة فائتها فاسألها ثم ائتني فأخبرني بردها عليك. وكانت أعلم بذلك لأن الوتر صلاة ليلية تؤدي في البيت وأمهات المؤمنين أعلم بذلك. وأولاهن عائشة لشدة حرصها على حفظ آثار النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وكان يخصها بما لم يخص به غيرها من نسائه فقد كان يحب المقام عندها كثيرًا وقد تنازلت لها سودة بنت زمعة عن نوبتها

(قوله فاستتبعت حكيم بن أفلح) أي طلبت منه أن يتبعني ويصحبني في الذهاب إليها. وطلب منه ذلك لمعرفة عائشة إياه دون سعد بن هشام كما يدل عليه ما يأتي

(قوله فأبى) أي امتنع حكيم من الذهاب معه إلى عائشة لأنه قد نهاها عن الكلام في شأن علي ومعاوية فأبت إلا الانضمام إلى معاوية كما في رواية مسلم وفيها فأتيت حكيم بن أفلح فاستلحقته إليها فقال ما أنا بقاربها لأني نهيتها أن تقول في هاتين الشيعتين شيئًا فأبت إلا مضيًا

(قوله فناشدته) أي سألته مقسمًا عليه أن يذهب معي. وفي رواية مسلم فأقسمت عليه. و (حكيم بن أفلح) من التابعين حجازي. روى عن ابن مسعود وعائشة. وعنه جعفر بن عبد الله. ذكره ابن حبان في الثقات

(قوله حدثيني عن خلق رسول الله الخ) أي أخبريني عن صفات رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الطبيعية. والخلق بضم الخاء المعجمة واللام وقد تسكن في الأصل ملكة راسخة في النفس تصدر عنها الأفعال بسهولة فإن صدر عنها المحمود عقلًا وشرعًا فهي الخلق الحسن. وإلا فهي الخلق السيئ. والمراد به هنا ما كان عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من الآداب والمكارم

(قوله ألست تقرأ القرآن) استفهام إنكاري بمعنى النفي حذف جوابه وقد صرح به في رواية مسلم بقوله قلت بلى

(قوله فإن خلق رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان القرآن) مقول القول محذوف قد صرّح به في مسلم بقوله قالت فإن خلق نبي الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان القرآن، أي أنه كان متمسكًا بآدابه وأوامره واقفًا عند حدوده معتبرًا بأمثاله وقصصه. فكان عاملًا بقول الله تعالى (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) وقوله تعالى حكاية عن لقمان (أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ) وقوله (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ) وغير ذلك متحليًا بما حث عليه الله تعالى بنحو قوله (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) وقوله (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) وقوله (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) متجنبًا ما نهى الله عنه بنحو قوله (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ) الخ. وعلى الجملة فكل ما قص الله تعالى في كتابه من مكارم الأخلاق أو حث عليه أو ندب إليه كان صلى

<<  <  ج: ص:  >  >>