للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ناشئة الليل كانت صلاتهم أول الليل هي أشد وطأ يقول هو أجدر أن تحصوا ما فرض الله عليكم من القيام وذلك أن الإنسان إذا نام لم يدر متى يستيقظ اهـ

فجعل قوله هو أجدر تفسيرًا لقوله تعالى هي أشد وطأ، بخلاف ظاهر حديث الباب حيث جعله تفسيرًا لقوله تعالى (وَأَقْوَمُ قِيلًا)

(قوله يقول فراغًا طويلًا) أي يقول ابن عباس في تفسير قوله تعالى سبحًا طويلًا فراغًا طويلًا أي لك في النهار فراغ واتساع للأمور الدنيوية فاعملها فيه وتفرغ في الليل لطاعة ربك، والسبح مصدر سبح، الفراغ والتصرف في المعاش والتقلب والانتشار في الأرض كما في القاموس.

وفي المصباح سبح الرجل في الماء سبحًا من باب نفع والاسم السباحة بالكسر فهو سابح وسباح مبالغة وسبح في حوائجه تصرف فيها اهـ

وقرأ يحيى بن يعمر سبخًا بالخاء المعجمة الفراغ والنوم كما في القاموس. وقال الزمخشري أما السباخة بالخاء فاستعارة من سبخ الصوف وهو نفشه ونشر أجزاءه لانتشار الهم وتفرق القلب بالشواغل اهـ

(فقه الحديث) دل الحديث على جواز نسخ القرآن بالقرآن، وعلى أن قيام الليل نصفه أو ثلثه أو ثلثيه كان فرضًا على النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم وعلي أصحابه ثم خفف الله عنهم فنسخ وجوب قيام الليل في حقه وحقنا بقوله تعالى (فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ). قيل وليس في القرآن سورة نسخ آخرها أولها إلا هذه السورة. وقد اختلفت العلماء في قيام الليل على أقوال

(الأول) أنه ليس بفرض لقوله تعالى نصفه أو انقص منه قليلًا أو زد عليه. وبه قال بعضهم وقال التخيير ليس من شأن الفرض وإنما هو مندوب. ورد بأنه من باب الواجب المخير في مقداره ثم نسخ كما تقدم

(الثاني) أنه فرض على كل مسلم ولو قدر حلب شاة قاله الحسن البصري وابن سيرين لقوله تعالى (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ). وهو قول شاذ متروك لإجماع العلماء على أن قيام الليل نسخ بقوله تعالى (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ) الآية وبحديث ضمام كما تقدم

(الثالث) أنه كان فرضًا على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله سلم وحده وهو قول مالك، وروى عن ابن عباس لظاهر قوله تعالى ومن الليل فتهجد به نافلة لك، أي فريضة زائدة على الصلوات الخمس خاصة بك دون أمتك. ولا يقال إن الخطاب له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خطاب لأمته, لأن محل هذا ما لم يقم دليل على الخصوصية كما هنا فإن قوله نافلة لك بعد قوله فتهجد دليل على أن الخطاب خاص به صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم دون أمته، قال في روح المعاني يدل على أن المراد ما ذكر ما أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس أنه قال، ذلك خاصة للنبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أمر بقيام الليل وكتب عليه اهـ

(الرابع) أنه مندوب في حق النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم وأمته وهو قول الجمهور وحكى عن ابن عباس ومجاهد وزيد بن أسلم لما في مسلم والنسائي والبيهقي واللفظ له من طريق سعد بن هشام قال انطلقت إلى ابن عباس فسألته عن

<<  <  ج: ص:  >  >>