به ولو كان ملء الفم وليس عليه قضاء. وإلى ذلك ذهب أبو حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي وأحمد. ومحله عند الجمهور ما لم يرجع منه شئ إلى حلقه بعد إمكان طرحه، وإلا فعليه القضاء. وذهب محمد بن الحسن إلى أنه إن عاد بنفسه لا يفطر وهو الصحيح عند الحنفية. وعن الحسن البصرى روايتان بالفطر وعدمه. وذهب أبو يوسف إلى فساد الصوم بعوده كإعادته إن كان ملء الفم ومدار الخلاف بينه وبين محمد أنّ محمدا يعتبر الصنع، وأبا يوسف يعتبر ملء الفم لأنّ له حكم الخارج، وما دونه لا يعتبر خارجا لأنه يمكن ضبطه. ويتفرّع على هذا أربع مسائل "الأولى" إذا كان أقل من ملء الفم وعاد أو شئ منه لم يفطر اتفاقا لعدم الصنع عند محمد. ولعدم ملء الفم عند أبي يوسف "الثانية" إذا كان أقل من ملء الفم وأعاده أو شيئا منه لم يفطر عند أبى يوسف وهو المختار لعدم ملء الفم، ويفطر عند محمد للصنع "الثالثة" إذا كان ملء الفم وعاد أو شئ منه لا يفطر عند محمد لعدم الصنع وهو الصحيح ويفطر عند أبى يوسف لأنه يعتبر خارجا شرعا وقد دخل. ودليل عدم الفطر فيما ذكر حديث الباب "الرابعة" إذا كان ملء الفم وأعاده أو شيئا منه أفطر اتفاقا لأنه خارج أدخله جوفه
(قوله وإن استقاء فليقض) أي إن تعمد إخراج القئ كأن عالجه بأصبعه أفطر وعليه القضاء. وهو قول علىّ وابن عمر وزيد بن أرقم وأبى حنيفة وأصحابه ومالك وأحمد والزهرى والشافعى وإسحاق وابن المنذر، أخذا بظاهر الحديث، ولا كفارة عليه. وقال عطاء وأبو ثور عليه القضاء والكفارة. ولا وجه له. وقال ابن مسعود وعكرمة وربيعة والقاسم: إن القئ لا يفسد الصوم سواء أكان غلبة أم عمدا ما لم يرجع منه من شئ بالاختيار. واستدلوا بما تقدم عند الترمذى عن أبي سعيد الخدرى مرفوعًا "ثلاث لا يفطرن الصائم الحجامة والقئ والاحتلام" ورد بأنه لا يصلح للاستدلال به لأنّ فى سنده عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف كما تقدّم، ولذا قال الترمذي هذا الحديث غير محفوظ. وعلى فرض صحته فيحمل على ما إذا كان القئ غالبا حتى لا يكون بينه وبين حديث الباب تناف. (والظاهر) القول الأوّل. والحديث وإن كان فيه مقال إلا أنه تقوى بالآثار. فقد روى مالك في الموطأ والشافعى عن ابن عمر موقوفا "من استقاء وهو صائم فعليه القضاء، ومن ذرعه القئ فليس عليه القضاء" وأخرجه الطحاوى والبيهقى. وأخرج نحوه عن إبراهيم النخعى والقاسم بن محمد. قال الخطابى "وفى إسقاط" أكثر العلماء الكفارة عن المستقئ عامدا "دليل" على أنه لا كفارة على من أكل عامدا في نهار رمضان لأنّ المستقئ مشبه بالآكل متعمدا، ومن ذرعه القئ مشبه بالآكل ناسيًا. ويدخل في معنى من ذرعه القئ كل ما غلب على الإنسان من دخول الذباب حلقه ودخول الماء جوفه إذا وقع فى ماء غمر وما أشبه ذلك، فإنه لا يفسد صومه شئ من ذلك اهـ (والحديث) أخرجه أيضا أحمد وابن ماجه والدارقطنى والحاكم وصححه وابن حبان والطحاوى والبيهقى والترمذى وقال