ثلاثة أيام, ويلحق بالغيبة المرض وعدم العلم بالوفاة. وذهب بعض الشافعية إلى أنه لا حد لوقتها قال النووي في شرح المهذب: حكى إمام الحرمين وجهًا أنه لا أمد للتعزية بل تبقى بعد ثلاثة أيام وإن طال الزمان, لأن الغرض الدعاء والحمل على الصبر والنهي عن الجزع وذلك يحصل مع طول الزمان وبهذا الوجه قطع أبو العباس بن القاص. اهـ
واختلفوا أيضًا في الجلوس لها بأن يجتمع أهل الميت في نحو بيت ويقصدهم من أراد التعزية. فقالت الشافعية والحنابلة بكراهته للرجال والنساء بل ينصرف أهل الميت إلى حوائجهم فمن صادفهم عزاهم لأن الجلوس لها محدث وبدعة
"أما ما ثبت" عن عائشة من أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم جلس في المسجد لما جاءه قتل زيد بن حارثه وجعفر وابن رواحة "فلا نسلم" أن جلوسه كان لأجل أن يأتيه الناس للتعزية. قال الشافعي في الأم: أكره المآتم وهي الجماعة وإن لم يكن لهم بكاء فإن ذلك يجدد الحزن ويكلف المؤنة وقال العلامة عبد الله بن قدامة الحنبلي في كتابه المغني قال أبو الخطاب: يكره الجلوس للتعزية, وقال ابن عقيل يكره الاجتماع بعد خروج الروح لأن فيه تهييجًا للحزن وقالت الحنفية يجوز الجلوس للتعزية ثلاثة أيام للرجال دون النساء في غير مسجد, وقال الزيلعي في شرح الكنز لا بأس بالجلوس للتعزية ثلاثة أيام من غير ارتكاب محذور من فرش البسط والأطعمة لأنها تتخذ عند السرور وذهب جماعة منهم إلى كراهته مطلقًا: قال العلامة ابن عابدين في حاشيته رد المحتار على الدر المختار: وفي الإمداد قال كثير من متأخري أئمتنا يكره الاجتماع عند صاحب البيت ويكره له الجلوس في بيته حتى يأتي إليه من يعزي بل إذا فرغ ورجع الناس من الدفن فليتفرقوا ويشتغل الناس بأمورهم وصاحب البيت بأمره. ونقل الحطاب من المالكية عن سند أنه يجوز الجلوس لها ولم نعثر فيه على مدة معينة.
ومحل هذا الخلاف إذا خلا المجلس من المنكرات وإلا امتنع اتفاقًا كما يقع من غالب أهل زماننا, فإن جلوسهم للتعزية يشتمل على مخالفات (منها) أن أهل الميت يجلسون في مكان بقصد أن تعزيهم الناس ويحضرون أشخاصًا يقرءون القرآن بقصد إسماع الحاضرين في نظير أجر يأخذونه على قراءتهم, وغالب هذه المجالس في الأمصار تكون في الشوارع والطرقات المعدة للمرور ويكثر إذ ذاك شرب الدخان واللغط ويحيي بعضهم بعضًا بتحيات غير إسلامية نحو نهارك سعيد أو ليلتك سعيدة فيشوشون على القارئ برفع أصواتهم وينضم إلى ذلك اشتغالهم بشرب نحو القهوة والشاي مع رفع الأصوات ومن المعلوم أن هذه الأمور كلها منكرات مخالفة لما كان عليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأصحابه والسلف الصالح مضادة للشريعة المطهرة ولا سيما قراءة القرآن في الطرق القذرة وحال شرب الدخان الذي تنفر منه الملائكة وكل من له طبع سليم من الآدميين. كيف يرتكب عاقل شيئًا مما ذكر, وقد ورد في الفرقان والتوراة أنه يلزم المستمع كلام الله تعالى أن يكون في غاية