وعن أحمد "أن من يستحق" الزكاة من الفقير والمسكين "هو" الذي لا يجد ما يكفيه وإن ملك نصابًا أو أكثر: وقال قتادة الفقير الذي به زمانة وله حاجة. والمسكين المحتاج الذي لا زمانة به وعليه فالفقير أحوج.
وقال الحسن الفقير الذي لا يسأل والمسكين الذي يسأل وعليه فالمسكين أحوج وبه قال الزهري
(قوله والأكلة والأكلتان) بضم الهمزة فيهما أي اللقمة واللقمتان: أَما الأكلة بفتح الهمزة فهي المرة من الأكل
(قوله ولا يفطنون به) أي لا يعلمون بحاله لتعففه ويفطن بضم الطاء المهملة من باب كرم ونصر وبفتحها من باب فرح. وفي رواية للبخاري ولكن المسكين الذي ليس له غنى يغنيه. قال في الفتح وهذه صفة زائدة على اليسار المنفي إذ لا يلزم من حصول اليسار للمرء أن يغنى به بحيث لا يحتاج إلى شيء آخر، وكأن المعنى نفي اليسار المقيد بأنه يغنيه مع وجود أصل اليسار وهذا كقوله تعالى (لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا) اهـ
وحاصل معنى الحديث ليس المسكين كامل المسكنة الذي هو أحق بالصدقة من يتردد على الناس فيعطى ولو القليل لقدرته على تحصيل قوته بالسؤال، ولكن المسكين كامل المسكنة الذي هو أولى بالصدقة من يتحرز عن سؤال الناس ولا يجد ما يزيل خصاصته فيظنه الجاهل بحاله غنيًا فلا يعطيه.
(بالحديث) استدل أبو حنيفة وأصحابه ومالك على أن المسكين من لا شيء له. واستدلوا أيضًا بقوله تعالى (أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ) أي لاصقًا بالتراب من الجوع والعري. أما قوله تعالى (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ) فلا ينافي ما ذكر لأنه إنما سماهم مساكين مجازًا ترحمًا وشفقة عليهم لأنهم كانوا مظلومين ضعفاء. فقد كان خمسة منهم لا يطيقون العمل. أعمى وأصم وأخرس ومقعد ومجنون، وخمسة يعملون مع جهد ومشقة فقد كان أحدهم مجذومًا والثاني أعور والثالث أعرج والرابع آدر والخامس محمومًا لا تنقطع عنه الحمى
(فقه الحديث) دل الحديث على استحاب الحياء ومدح المحتاج الذي يترك السؤال حياء. وعلى الترغيب في إعطائه الصدقة وتقديمه علي الملحّ
(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري ومسلم والنسائي من حديث عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه