للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِضَ فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ وَقُبِرَ لَيْلًا فَزَجَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ إِلاَّ أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ".

(ش) (عبد الرزاق) بن همام. و (ابن جريج) عبد الملك. و (أبو الزبير) محمَّد بن مسلم المكي

(قوله فكفن في كفن غير طائل) أي غير حسن أو غير كامل الستر

(قوله فزجر النبي الخ) أي نهى أن يدفن الميت بالليل. وقد صرح بالنهي في رواية ابن ماجه من طريق وكيع عن إبراهيم بن يزيد المكي عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "لا تدفنوا موتاكم بالليل إلا أن تضطروا" أي ليصلي عليه العدد الكثير من الناس. وهذا إنما يتيسر نهارًا بخلاف الصلاة عليه ليلًا فلا يحضره إلا العدد القليل. فالنهي إنما هو عن الدفن ليلًا لذلك لا مطلقًا. وليس المراد أن المنهي عنه الدفن قبل الصلاة, فإن هذا منهي عنه مطلقًا ليلًا كان أو نهارًا. وقيل نهى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن الدفن ليلًا لأنهم كانوا يفعلون ذلك بالليل لرداءة الكفن فلا يظهر فيه.

ويؤيده أول الحديث وآخره. قال القاضي عياض العلتان صحيحتان. والظاهر أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قصدهما اهـ

(قوله إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك) فيه دلالة على أنه لا بأس بالدفن ليلًا للضرورة. وإلى ظاهر الحديث ذهب الحسن البصري فقال يكره الدفن ليلًا إلا للضرورة, ويدل له أيضًا حديث ابن ماجه المذكور. وسيأتي تمام الكلام عليه في "باب الدفن بالليل"

(قوله فليحسن كفنه) بفتح الفاء اسم لما يكفن به أو بسكونها على أنه مصدر كفن من باب ضرب أي تكفينه. قال في النهاية وهو الأعم لأنه يشتمل على الثوب وهيئته وعمله والمعروف فيه الفتح اهـ ومعناه فليختر من الثياب أنظفها وأتمها وأبيضها وكونها ساترة متوسطة وأن تكون من جنس اللباس الشرعي فيجوز أن تكون من قطن وصوف وكتان وشعر ووبر وغيرها مما يباح للحي.

أما الحرير فيحرم تكفين الرجل فيه, وأما المرأة فقيل يكره تكفينها به وقيل يحرم، والظاهر الثاني لما فيه من السرف والمغالاة المنهي عنها. قال النووي ويعتبر في الكفن المباح حال الميت: فإن كان مكثرًا من المال فمن جياد ثيابه، وإن كان متوسطًا فمن أوسطها, وإن كان مقلًا فبحسب حالة اهـ ببعض تصرف. وليس المراد بالتحسين ما يفعله بعض الناس من السرف والمغالاة رياء وسمعة لما سيأتي عن علي في "باب كراهية المغالاة في الكفن"

وقد ورد في تحسين الكفن أحاديث أخر (منها) ما رواه الديلمي عن أم سلمة أن النبي

<<  <  ج: ص:  >  >>