كانوا يعقرون الإبل أو البقر علي قبر الرجل الجواد ويقولون نكافئه علي فعله فإنه كان يطعم الضيفان في حياته فنعقرها بعد وفاته لتأكلها الطير والسباع ليكون جوادًا بعد وفاته كما كان حال حياته. ومن كان من الجاهلية يقر بالبعث بعد الموت يقول من عقرت له راحلته حشر يوم القيامة راكبًا ومن لم يعقر له حشر راجلًا أفاده الخطابي:
ومنه تعلم أن ما يفعله كثير من أهل زماننا من ذلك ليس له أصل في الدين وإنما هو بدعة مذمومة. قال في المدخل وليحذر من هذه البدعة التي يفعلها بعضهم وهي أنهم يحملون أمام الجنازة مع الحاملين في الأقفاص الخرفان والخبز ويسمون ذلك بعشاء القبر فإذا أتوا إلى القبر ذبحوا ما أتوا به بعد الدفن وفرقوه مع الخبز ويقع بسبب ذلك مزاحمة وضرب، ويأخذ ذلك من لا يستحقه ويحرمه المستحق في الغالب وذلك مخالف للسنة من وجوه
(الأول) أن ذلك من فعل الجاهلية لما رواه أبو داود عن أنس عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنه قال "لا عقر في الإِسلام" والعقر الذبح عند القبر
(الثاني) ما فيه من الرياء والسمعة والمباهاة والفخر لأن السنة في أفعال القرب الإسرار بها دون الجهر فهو أسلم. والمشي بذلك أمام الجنازة جمع بين إظهار الصدقة والرياء والسمعة والمباهاة والفخر ولو تصدق بذلك في البيت سرًا لكان عملًا صالحًا لو سلم من البدعة أعنى أن يتخذ ذلك سنة أو عادة لأنه لم يكن من فعل من مضى والخير كله في اتباعهم رضي الله تعالى عنهم اهـ بحذف
(قوله يعني ببقرة أو بشيء) هكذا في أكثر النسخ، وفي بعضها يعني بقرة أو شيئًا وهي رواية البيهقي، وفي بعضها بقرة أو شاء، وفي بعضها شاة، والفرق بينها أن المراد بالشيء ما يذبح من الحيوانات غير البقر فهو أعم من الشاة والشاء والفرق بين الأخيرين أن الأول اسم للواحد من الشياه والثاني اسم لمجمع منها.
(والحديث) يدل على تحريم الذبح عند القبر: وعلى ذم التشبه بالجاهلية
(والحديث) أخرجه أيضًا البيهقي
[باب الميت يصلي على قبره بعد حين]
وفي نسخة "باب الصلاة على القبر بعد حين"
(ص) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ نَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ.
(ش) (أبو الخير) مرثد بن عبد الله المصري تقدم بالثالث صفحة ٣٤١
(قوله صلى على أهل أحد الخ) وكانت صلاته صلى الله عليه وآله ومحمَّد لم عليهم بعد وفاتهم بثمان سنين كما في الرواية