بعد: وقوله صلاته على الميت أي كصلاته علي الجنازة (وهو بظاهره) يدل على أن النبي صل الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى على أهل أحد صلاة الجنازة بعد هذه المدة، فيكون الحديث من أدلة من قال بجواز الصلاة على الشهداء وحجة لمن قال بجواز الصلاة على القبر، ويحتمل أنه أراد بالصلاة الدعاء الشبيه بدعاء صلاة الجنازة
(قال ابن حبان) في صحيحه المراد بالصلاة في هذا الحديث الدعاء إذ لو كان المراد حقيقة الصلاة للزم من يقول بها أن تجوز الصلاة على الميت بعد دفنه بسنين، فإن وقعة أحد كانت في سنة ثلاث من الهجرة وهذه الصلاة كانت حين خروجه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من الدنيا بعد وقعة أحد بسبع سنين وهو لا يقول بذلك اهـ
وعلى هذا فلا يكون الحديث حجة لمن ذكر وتقدم بسط الكلام على هذا في "باب الشهيد يغسل"
(والحديث) أخرجه أيضًا مسلم عن قتيبة، وأخرجه البخاري والبيهقي من طريق سعيد بن شرحبيل عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر قال خرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يومًا فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف إلى المنبر فقال: إني فرطكم وأنا شهيد عليكم إني والله لأنظر الآن إلى حوضي وإني قد أعطيت خزائن مفاتيح الأرض أو مفاتيح الأرض، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها
(قوله بهذا الحديث) أي حدث حيوة بن شريح عن يزيد بن أبي حبيب بحديث الليث بن سعد عنه وزاد ابن شريح في روايته قوله بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات، وفي بعض النسخ بعد ثماني سنين بإثبات الياء.
وقد بين ما يشعر بتوديعه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في رواية البيهقي من طريق زكريا بن عدي قال أنبأنا ابن المبارك عن حيوة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة هو ابن عامر قال صلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على قتلى أحد بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات ثم طلع على المنبر فقال إني بين أيديكم فرط وأنا عليكم شهيد وموعدكم الحوض وإني لأنظر إليه من مقامي هذا وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها قال فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى