للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وعلى آله وسلم من الحديبية ليلا. وفي البيهقى عن عقبة بن عامر والطبراني عن ابن عمر بطريق تبوك. ويؤيده أيضا ما في هذه الرواية من أن الذى أمر بالحفظ بلال. وفى رواية الطبرانى أن الذى أمر بالحفظ ذو مخبر. وفى صحيح ابن حبان أن الذى كلأ عبد الله بن مسعود قال الحافظ فهذا كله يدل على تعدد القصة اهـ وهو يردّ ما قاله الأصيلى من أن القصة واحدة

(قوله ففزع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم) أى هبّ وانتبه مذعورا لما رأى من فوات الوقت "وما قاله" الأصيلى من أن فزعه كان لأجل المشركين الذين رجع من غزوهم لئلا يتبعوه ويطلبوا أثره فيجدوه وجميع أصحابه نياما "غير مسلم" لأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يتبعه عدوّ حين انصرف من خيبر وحنين ولا ذكر ذلك أحد من أهل المغازى بل انصرف منهما ظافرا

(قوله يا بلال) أى لم نمت حتى خرج وقت الصلاة. وفى رواية ابن إسحاق ماذا صنعت بنا يا بلال وفى حديث أبى قتادة قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم يا بلال أين ما قلت قال ما ألقيت على نومة مثلها قط، وإنما قال له صلى الله عليه وآله وسلم ذلك تنبيها له على اجتناب الدّعوى والثقة بالنفس وحسن الظن بها ولا سيما في مظانّ الغلبة وسلب الاختيار فإن بلالا قد ألزم نفسه بحفظ الوقت بقوله أنا أوقظكم كما تقدم في رواية البخارى

(قوله أخذ بنفسى الذى أخذ بنفسك) أى قبض نفسى الذى قبض نفسك وهو اعتذار من بلال حيث لم يقم بما أمر به. ومراده أن الله عزّ وجل استولى علىّ بقدرته كما استولى عليك مع منزلتك (واختلف) هل النفس والروح شئ واحد وهو التحقيق أم شيئان "فعلى" الأول تعرّف النفس بأنها جسم لطيف مشتبك بالأجسام الكثيفة اشتباك الماء بالعود الأخضر على هيئة جسد صاحبها، وعلى الثانى تعرّف بأنها جسم لطيف مودع في الجسم محلا للأخلاق المذمومة كما أن الروح محلّ للأخلاق المحمودة (واختلف) أيضا هل في الإنسان روح واحدة والتعدّد باعتبار أوصافها وهو الراجح أم روحان أحدهما روح اليقظة التى أجرى الله تعالى العادة بأنها إذا كانت في الجسد كان الإنسان متيقظا فإذا خرجت منه نام ورأت المنامات والأخرى روح الحياة التي أجرى الله تعالى العادة بأنها إذا كانت في الجسد كان حيا فإذا فارقته مات

(قوله بأبى أنت وأمى) الجار متعلق بمحذوف خبر أى أنت مفدى بأبى وأمى أو متعلق بفعل محذوف أى فديتك بأبى وأمى وحذف المتعلق تخفيفا لكثرة الاستعمال

(قوله فاقتادوا رواحلهم) أى قادوها وساقوها شيئا يسيرا من الزمن أو اقتيادا قليلا بعد أن أمرهم النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بذلك ففى الرواية الآتية تحولوا عن مكانكم الذى أصابتكم فيه الغفلة. وفى رواية لمسلم ليأخذ كل رجل برأس راحلته فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان "وقول بعضهم" إنما أمر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالاقتياد لأنه انتبه حين طلوع الشمس والصلاة منهىّ عنها وفي هذا الوقت فأمر بالاقتياد حتى ترتفع الشمس "يردّه" قوله في الحديث حتى ضربتهم الشمس

<<  <  ج: ص:  >  >>