عائشة أن تعتكف فأذن لها فضربت فيه "أى فى المسجد" قبة، فسمعت بها حفصة فضربت قبة، وسمعت زينب بها فضربت قبة أخرى الخ
(قوله آلبر تردن) بهمزة الاستفهام الإنكارى ممدودة بمعنى النفى، ونصب البر على أنه مفعول تردن مقدم، أى لا تردن البر بهذا. بخطاب جمع المؤنث. وفى لفظ مسلم آلبرّ يردن بصيغة الغيبة. وفى رواية البخارى "آلبر ترون بهنّ" أى تظنون الخير بهنّ. وهو خطاب للحاضرين من الرجال
(قوله فأمر ببنائه فقوض الخ) بالبناء للمجهول أى هدم وأزيل. وكذا أمر أزواجه ببنائهنّ فهدم. ولعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فعل ذلك خشية أن يكون الحامل لهن على الاعتكاف المباهاة والتنافس الناشئ عن الغيرة حرصا على القرب منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خاصة، فيخرج الاعتكاف عن موضوعه. أو لأنه يضيق المسجد عن المصلين بسبب كثرة القباب فيه. وأمر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بهدم بنائه ولم يقتصر على هدم بناء أزواجه، لأن ذلك أدعى إلى امتثالهنّ، (وصرح) فى هذه الرواية بأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أخر الاعتكف إلى العشر الأول من شوال. وفى رواية للبخارى من طريق محمد بن فضيل عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة "فلم يعتكف فى رمضان حتى اعتكف فى آخر العشر من شوال"(ولا منافاة) بينهما لأن المراد بقوله فى رواية البخارى "حتى اعتكف فى آخر العشر من شوال" أنه جعل نهاية اعتكافه آخر العشر الأول من شوال، فيكون قد اعتكف من أولها، أو أن لفظ آخر وقع غلطا من النساخ. والأصل حتى اعتكف فى العشر من شوال، وهى مطلقة، فتحمل على العشر الأول التىى صرح بها فى رواية المصنف
(الفقه) دل الحديث على أن أول وقت الاعتكاف بعد صلاة الصبح وتقدم بيانه، وعلى جواز ضرب الأخبية فى المسجد. وعلى جواز اعتكاف النساء فى المساجد. وعلى أنه ليس للمرأة أن تعتكف إلا بإذن زوجها. وعلى أنها إذا اعتكفت ولو بإذنه كان لزوجها أن يمنعها وإليه ذهب الجمهور وقال مالك ليس له ذلك بعد الإذن. وعلى جواز الخروج من الاعتكاف بعد الدخول فيه إذا كان لمصلحة. ولكنه يقضى وجوبا عند مالك، قال فى الموطإ سئل مالك عن رجل دخل المسجد لعكوف فى العشر الأواخر من رمضان فأقام يوما أو يومين ثم مرض فخرج من المسجد أيجب عليه أن يعتكف ما بقى من العشر إذا صح أم لا يجب ذلك عليه؟ وفى أى شهر يعتكف إن وجب ذلك عليه؟ فقال مالك يقضى ما وجب عليه من عكوف بنذر أو دخول إذا صح فى رمضان وغيره اهـ وقال أبو حنيفة والشافعى وأحمد: إن كان الاعتكاف واجبا لزم قضاؤه وإلا فلا، لأنّ النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يأمر أزواجه بالقضاء. وقضاؤه صلى الله تعالى وعلى آله وسلم لهذا الاعتكاف لم يكن لوجوبه عليه، وإنما لأنه كان إذا عمل عملا أثبته، وكان فعله لقضائه كفعله لأدائه على سبيل التطوع