للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدكم (وفي الحديث) دلالة على تحريم إفراد يوم الجمعة بصيام. وهو قول عليّ بن أبي طالب وأبي ذر وأبي هريرة وسلمان الفارسي وابن حزم وقال: لا نعلم لهم مخالفًا من الصحابة أخذا بحديث الباب: وبما رواه البخاري والبيهقي والدارمي عن محمد بن عباد قال: سألت جابرًا: أنهى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن صوم يوم الجمعة؟ قال نعم. وفي رواية الدارمي نعم ورب هذا البيت. وبما يأتي للمصنف في "باب الرخصة في ذلك" عن أبي أيوب عن جويرية بنت الحارث أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهى صائمة فقال: أصمت أمس؟ قالت لا قال تريدين أن تصومي غدًا؟ قالت لا. قال فأفطري (وذهبت الشافعية) والحنابلة والزهري ومحمد بن سيرين وطاوس إلى كراهة إفراده بالصوم. وحملوا النهي في حديث الباب وأشباهه على الكراهة (وقال النخعي) والشعبي ومجاهد يكره صومه مطلقًا، والحديث حجة عليهم. وفي التجنيس للحنفية قال أبو يوسف: جاء حديث في كراهته إلا أن يصوم قبله أو بعده، فكان الاحتياط أن يضم إليه يومًا آخر اهـ وقال الطحاوي ثبت بالسنة طلبه والنهي عنه والآخر منهما النهي، لأن فيه وظائف، فلعله إذا صام ضعف عن فعلها اهـ ملخصًا (وقال أبو حنيفة) ومالك ومحمد بن الحسن يجوز صومه مطلقًا من غير كراهة. وروى ذلك عن ابن عباس ومحمد بن المنكدر. قال مالك في الموطأ: لم أسمع أحدًا من أهل العلم والفقه ومن يقتدي به ينهى عن صيام يوم الجمعة وصيامه حسن اهـ واستدلوا بما رواه الترمذي وحسنه عن ابن مسعود قال: كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وقلما كان يفطر يوم الجمعة. ورواه النسائي وابن حبان وصححه. لكن لا يتم الاستدلال به على دعواهم. لاحتمال أنه كان يصوم يومًا قبله أو بعده (قال البدر العيني) لا دلالة فيه على أنه صلى الله عليه وعل آله وسلم صام يوم الجمعة وحده. فنهيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن صوم يوم الجمعة، يدل على أنه صوم يوم الجمعة لم يكن في يوم الجمعة وحده، بل إنما كان مع يوم قبله أو بعده، وذلك لأنه لا يجوز أن يحمل فعله على مخالفة أمره إلا بنص صحيح صريح اهـ ولعلهم لم يبلغهم أحاديث النهي. ولو وصلت إليهم لم يخالفوها. قال النووي: السنة مقدمة على ما رآه مالك. وقد ثبت النهي عن صوم يوم الجمعة. ومالك معذور في أنه لم يبلغه النهي اهـ واختلف في حكمة النهي عن يوم الجمعة على أقوال: أظهرها أنه يوم عيد والعيد لا يصام، لما رواه أحمد والحاكم عن أبي هريرة مرفوعًا "يوم الجمعة يوم عيد فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم، إلا أن تصوموا قبله أو بعده". ولما أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد حسن عن عليّ رضي الله تعالى عنه قال "من كان منكم متطوعًا من الشهر فليصم يوم الخميس ولا يصم يوم الجمعة، فإنه يوم طعام وشراب وذكر" ولا يلزم من هذا أن يكون كالعيد من كل وجه لزوال المانع من صيامه إذا صام يومًا

<<  <  ج: ص:  >  >>