وقال ابن معين ثقة وكان إذا حدث من حفظه يخطئ , وإذا حدث من كتابه فليس به بأس. روى له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي والبخاري في التعاليق
(معنى الحديث)
(قوله رأى ناس نارًا في المقبره) يعني رأوا سراجًا منيرًا فيها ليلًا
(قوله فإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر) لعل المراد بالذكر القرآن كما تشعر به رواية الترمذي عن ابن عباس أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم دخل قبرًا ليلًا فاسرج له بسراج فأخذه من قبل القبلة وقال: رحمك الله إن كنت لأواها تلاء للقرآن. قال أبو نعيم الأصفهاني إن الرجل المقبور كان عبد الله ذا البجادين اهـ والبجادان تثنيه بجاد وهو كساء مخطط
(وفي الحديث) دلالة على جواز الدفن ليلًا وبه قال الجمهور من السلف والخلف أخذًا بهذا الحديث, وبما رواه البخاري عن عائشة أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم دفن ليلًا.
وبما رواه البخاري وابن ماجه عن ابن عباس قال. مات إنسان كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يعوده فمات بالليل فدفنوه ليلًا, فلما أصبح أخبروه فقال ما منعكم أن تعلموني؟ قالوا كان الليل وكانت ظلمة فكرهنا أن نشق عليك, فأتى قبره فصلى عليه. فلو لم يكن الدفن ليلًا جائزًا لما أقرهم عليه النبيّ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وإنما أنكر عليهم صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عدم إعلامهم إياه بموت ذلك الشخص.
وبما رواه البخاري أيضًا من أن أبا بكر دفن ليلًا ولم يثبت أن أحدًا من الصحابة أنكره فهو كالاجماع منهم على ذلك. وقال الحسن البصري وسعيد بن المسيب يكره الدفن ليلًا. وقال ابن حزم لا يجوز إلا لضرورة. واستدلوا بحديث جابر المتقدم في باب الكفن وفيه "فزجر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلي عليه إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك" فجعلوا سبب الزجر الدفن ليلًا.
وأجاب الجمهور بأن زجر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يحتمل أن يكون لتركه الصلاة على ذلك الشخص وهو الأقرب أو لقلة المصلين أو لرداءة الكفن أو لمجموعها. والحديث محتمل لما قاله الفريقان فلا يصح دليلًا للحسن البصري ومن معه. فالظاهر ما ذهب إليه الجمهور لقوة أدلتهم ودل الحديث على تواضعه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
(والحديث) أخرجه أيضًا الحاكم والبيهقي
[باب في الميت يحمل من أرض إلى أرض]
وفي بعض النسخ زيادة وكراهيه ذلك
(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ نُبَيْحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا حَمَلْنَا الْقَتْلَى يَوْمَ أُحُدٍ لِنَدْفِنَهُمْ فَجَاءَ مُنَادِي النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-