للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للتطيب. وقالت الشافعية يستحب أن تكون الغسلة الأولى بالماء والسدر ثم يغسل بالماء القراح ويجعل في الغسلة الأخيرة شيء من الكافور.

واختلفوا هل يسقط الفرض بالغسلة المتغيرة بالسدر أو الخطمى؟ الأصح أنه لا يسقط. والمشهور أن غسل الميت تعبدي يشترط فيه ما يشترط في بقية الأغسال الواجبة والمندوبة, وأن الواجب مرة واحدة تعم جميع البدن, وهو قول الأئمة الأربعة وكثيرين. وذهب الكوفيون وأهل الظاهر والمزني إلى إيجاب ثلاث غسلات وروي ذلك عن الحسن وقال ابن شعبان وابن الفرضي من المالكية غسل الميت للتنظيف فيجزئ بالماء المضاف كماء الورد ونحوه متمسكين بظاهر الحديث.

وقال الزين بن المنير ظاهر الحديث أن السدر يخلط في كل مرة من مرات الغسل لأن قوله بماء وسدر متعلق بقولها اغسلنها وهو مشعر بأن غسل الميت للتنظيف لا للتطهير لأن الماء المضاف لا يتطهر به, وتعقبه الحافظ بمنع لزوم مصير الماء مضافًا بذلك لاحتمال أنه لا يغير السدر وصف الماء بأن يمعك جسد الميت بالسدر ثم يغسل بالماء في كل مرة فإن لفظ الخبر لا يأبي ذلك. ومثل السدر في التنظيف غيره من كل مزيل طاهر كالأشنان والصابون.

والحكمة في جعل الكافور في الغسلة الأخيرة أنه يقوي الجسم ويرده ويطرد عنه الهوام وهو طيب الرائحة والملائكة تحضر الميت في هذا الوقت. فقد أخرج عبد الرزاق في مصنفه عن سلمان أنه استودع امرأته مسكًا فقال إذا مت فطيبوني فإنه يحضرني خلق من خلق الله تعالى لا ينالون من الطعام والشراب يجدون الريح

(قوله فأعطناه حقوه) بفتح الحاء المهملة, ولعة هذيل كسرها, والمراد به الإزار كما سيذكره المصنف بعد. وأصل الحقو معقد الإزار أطلق على الإزار مجازًا للمجاورة وفي رواية للبخاري فنزع من حقوه إزاره

(قوله اأشعرنها إياه) أي اجعلن هذا الحقو مباشرًا لجسدها تحت الأكفان. والحكمة في جعله شعارًا لها حصول بركة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لها. وأخر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حتى لا يكون بين انتقاله من جسده الشريف إلى جسدها فاصل

(قوله قال عن مالك) أي قال القعنبي في روايته عن مالك فأعطانا حقوه تعني إزاره

(قوله ولم يقل مسدد دخل علينا) أي لم يقل مسدد في روايته عن حماد دخل علينا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كما قال القعنبي في روايته عن مالك

(فقه الحديث) دل الحديث على وجوب غسل الميت. وعلى استحباب الإيتار في الغسل بناء على أن الأمر مستعمل في حقيقته ومجازه. وأما على طريقة من منع ذلك فيكون للاستحباب بقرينة ذكر الثلاثة والخمس, ويكون وجوب الغسل مستفادًا من دليل آخر. وعلى استحباب غسله بالسدر وكذا ما في معناه. وعلى استحباب جعل شيء من الكافور آخر الغسلات ومثل

<<  <  ج: ص:  >  >>