قالت دخل علينا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ونحن تغسل ابنته أم كلثوم (الحديث) ولا تنافي بين الروايتين لاحتمال أن أم عطية حضرت غسل زينب وأم كلثوم فقال لها النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ذلك. وجزم ابن عبد البر في ترجمة أم عطية بأنها كانت غاسلة الميتات.
وكان مع أم عطية أسماء بنت عميس وصفية بنت عبد المطلب كما ذكره الدولابي في "الذرية الطاهرة"وليلى بنت قانف كما يأتي للمصنف في "باب كفن المرأة" وكان مجيئهن بأمر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لما رواه النسائي من حديث هشام قال حدثنا حفصة عن أم عطية قالت ماتت إحدى بنات النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فأرسل إلينا فقال اغسلنها بماء وسدر (الحديث)
(قوله فقال اغسلنها ثلاثًا الخ) وفي رواية البخاري عن هشام بن حسان عن حفصة اغسلنها وترًا ثلاثًا أو خمسًا. وأو للتونيع أو التخيير
قال ابن العربي في قوله أو خمسًا إشارة إلى أن المشروع هو الإيثار لأنه نقلهن من الثلاث إلى الخمس وسكت عن الأربع اهـ. فلو حصل الانقاء بالأولى أو الثانية ندب التثليث وإن حصل بالرابعة ندب التخميس وهكذا.
قال النووي المراد اغسلنها وترًا وليكن ثلاثًا، فإن احتجن إلى زيادة عليها للانقاء فليكن خمسًا، فإن احتجن إلى زيادة الانقاء فليكن سبعًا وهكذا أبدًا وحاصله أن الإيتار مأمور به, والثلاثة مأمور بها ندبًا فإن حصل إنقاء بثلاث لم تشرع الرابعة وإلا زيد حتني يحصل الإنقاء. ويندب كونها وترًا. وأصل غسل الميت فرض كفاية وكذا حمله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه كلها فروض كفاية, والواجب في الغسل مرة واحدة عامة للبدن اهـ
(قوله أو أكثر من ذلك الخ) بكسر الكاف خطاب لأم عطية, فمعناه أن التفويض في الأكثرية إلى اجتهادهن بحسب الحاجة لا لمجرد التشهي مع مراعاة الإيتار في ذلك كما قاله ابن المنذر. قيل ويحتمل أن قوله إن رأيتن ذلك راجع إلى الثلاثة والخمسة وما زاد عليها, فيكون المدار علي الإنقاء وما زاد على ما به الإنقاء فأمره مفوض إليهم
(قوله بماء وسد) متعلق بقوله اغسلنها, والسدر ورق النبق. وظاهره أن السدر يخلط بالماء في كل مرة من الغسلات. وإلى هذا ذهبت الحنابلة فقالوا يسن ضرب سدر ونحوه فيغسل برغوته رأس الميت ولحيته ويغسل بدنه بالتفل ثم يصب على جميع بدنه الماء القراح وتكون هذه غسلة واحدة وهكذا يفعل في كل مرة ثلاثًا أو خسمًا أوسبعًا إلا أنه يجعل مع السدر في الغسلة الأخيرة كافورًا. وهكذا قالت الحنفية. قال في فتح القدير الأولى كون الأوليين بالسدر والثالثة بالكافور. وقال شيخ الإِسلام الأولى بالماء القراح والثانية بالماء المغلي فيه سدر والثالثة بالماء الذي فيه الكافور اهـ كلام صاحب الفتح بتصرف.
وذهب المالكية إلى أن الغسلة الأولى تكون بالماء القراح للتطهير والثانية يضاف عليه السدر للتنظيف أو الأولى بالسدر والثانية بالماء القراح والثالثة يضاف عليها الكافور