(قوله من الهدم) أي من أن يسقط عليّ بناء وهو بفتح الهاء وسكون الدال المهملة مصدر هدم من باب ضرب يقال: هدمت البناء أسقطته, والهدم بفتحتين ما تعدم
(قوله ومن التردي) أي السقوط من مكان مرتفع نحو جبل أو السقوط في نحو بئر
(قوله ومن الحرق) بفتحتين وقد تسكن الراء من الإحراق يطلق علي النار أو لهبها
(قوله وأعوذ بك من أن يتخبطني الشيطان الخ) أي يفسد عليّ ديني وعقلي عند الموت بأن يستولي عليه الشيطان عند مفارقة الدنيا فيضله ويحول بينه وبين التوبة ويعوقه عن إصلاح شأنه والخروج من مظلمة تكون قبله أو يؤيسه من رحمة الله تعالى أو يكره الموت ويتأسف علي حياة الدنيا فلا يرضى بما قضاه الله عليه من الفناء والنقلة إلى الدار الآخرة فيختم له بالسوء ويلقى الله وهو ساخط عليه. قال الخطابي قد روي أن الشيطان لا يكون في حال أشد على ابن آدم منه في حال الموت: يقول لإخوانه دونكم هذا فإنه إن فاتكم اليوم اليوم لم تلحقوه اهـ
(قوله وأعوذ بك من أن أموت في سبيلك مدبرًا) أي فارًّا من صف القتال غير محتال على العدو أو غير متحيز إلى جماعة من المسلمين, أو مدبرًا عن ذكرك ومقبلًا علي غيرك
(قوله وأعوذ بك من أن أموت لديغًا) أي ملدوغًا, فلديغ فعيل بمعني مفعول وهو ما لدغه عقرب أو حية أو غيرهما من ذوات السموم. واستعاذته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من أن يموت لديغًا لا تنافي حصول لدغ لا يموت به. فقد روى ابن أبي شيبة أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لدغته عقرب وهو يصلي فقال لعن الله العقرب لا تدع نبيًا ولا غيره ثم دعا بماء وملح فجعل يمسح عليها "أي على موضع لدغها" ويقرأ قل يأيها الكافرون وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس. وبه عرف ما يداوى به لدغ العقرب. وأن من لدغ يتسلى به صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. واستعاذ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من الهدم والتردي والغرق والحرق واللدغ وإن كان من مات بها يموت شهيدًا لأنها لقوة وقعها لا يكاد الإنسان يصبر عليها فربما ينتهز الشيطان هذه الفرصة فيضره في دينه